الفجر، هكذا ومَدّ يديه عرضًا"، لكنه من رواية شداد، مولى عياض بن عامر عنه، وقد قال أبو داود وغيره: إنه لم يدرك بلالًا، وأيضًا فلم يرو عنه سوى جعفر بن بُرْقان، ولذلك قال أبو بكر الأثرم: هذا إسناد مجهول منقطع، وقال ابن عبد البرّ: هذا حديث لا تقوم به الحجة، ولا يُقْبَل؛ لضعفه، وانقطاعه. انتهى. وبتقدير صحته فالجواب عنه أنه -صلى الله عليه وسلم- قال هذا الكلام لبلال في نوبته التي كان يتأخر فيها أذانه، ويتقدم فيها أذان ابن أم مكتوم، فإنه كانت بينهما نُوَب كما تقدم، ويَحْتَمِل أنه -صلى الله عليه وسلم- قال له هذا الكلام في أول الأمر، قبل أن يُنصَب للمسجد مؤذنان، وتقدم عن ابن القطان حَمْلُ أذان بلال بليل على رمضان خاصّة، وتقدم عن أحمد بن حنبل أنه عكس ذلك، فكره الأذان قبل الصبح في رمضان خاصة، فيجعل الجمع بين الحديثين بِحمل أحدهما على رمضان، والآخر على غيره، والله أعلم. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله عنه: لا حاجة إلى هذا الجواب المتكلّف فيه؛ لأن الحديث ضعيف، فتنبّه، والله تعالى أعلم.
والحديث متّفقٌ عليه، وقد تقدّم تمام شرحه، وبيان مسائله قبل حديث، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المنّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله المذكور أولَ الكتاب قال:
[٢٥٣٩]( … ) - (وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- بِمِثْلِهِ).
رجال هذا الإسناد: خمسة:
١ - (الْقَاسِمُ) بن محمد بن أبي بكر الصدّيق التيميّ، المدنيّ، ثقةٌ ثبتٌ فقية فاضل، من كبار [٣](ت ١٠٦) على الصحيح (ع) تقدم في "الحيض" ٣/ ٦٩٥.
٢ - (عَائِشَةُ) أم المؤمنين -رضي الله عنها-، تقدّمت قبل ثلاثة أبواب.