للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أبو داود، وابن خزيمة، وغيرهما، وتأخير أهل الكتاب له أَمَدٌ، وهو ظهور النجم.

وقد رَوَى ابن حبان، والحاكم، من حديث سهل أيضًا بلفظ: "لا تزال أمتي على سنتي ما لم تنتظر بفطرها النجوم"، وفيه بيان العلة في ذلك.

وقال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: فيه الحثّ على تعجيل الفطر بعد تحقّق غروب الشمس، ومعناه: لا يزال أمر الأمّة منتظمًا، وهم بخير ما داموا محافظين على هذه السنّة، وإذا أخّروه كان ذلك علامة على فساد يقعون فيه. انتهى (١).

وقال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: إنما كان تعجيل الفطر خيرًا؛ لأنه أحفظ للقوّة، وأرفع للمشقّة، وأوفق للسنّة، وأبعد عن الغلوّ والبدعة، وليظهر الفرق بين الزمانين في حكم الشرع، وأما تعجيل المغرب، فقد تقدّم الكلام عليه في الأوقات. انتهى (٢).

وقال أبو عمر بن عبد البرّ رَحِمَهُ اللهُ: من السنة تعجيل الفطر، وتأخير السحور، والتعجيل إنما يكون بعد الاستيقان بمغيب الشمس، ولا يجوز لأحد أن يفطر وهو شاكّ هل غابت الشمس أم لا؟؛ لأن الفرض إذا لزم بيقين لم يُخْرَج عنه إلا بيقين، والله عز وجل يقول: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}، وأول الليل مغيب الشمس كلها في الأفق عن أعين الناظرين، فمن شك لزمه التمادي حتى لا يشك في مغيبها، قال -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أقبل الليل من هاهنا -يعني المشرق- وأدبر النهار من هاهنا -يعني المغرب- وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم"، متّفقٌ عليه. انتهى (٣).

وقال في "الفتح": اتفق العلماء على أن محل تعجيل الفطر إذا تحقق غروب الشمس بالرؤية، أو بأخبار عدلين، وكذا عدلٌ واحدٌ في الأرجح.

قال الشافعيّ رَحِمَهُ اللهُ في "الأم": تعجيل الفطر مستحبّ، ولا يكره تأخيره إلا لمن تعمده، ورأى الفضل فيه، ومقتضاه أن التأخير لا يكره مطلقًا، وهو كذلك؛ إذ لا يلزم من كون الشيء مستحبًّا أن يكون نقيضه مكروهًا مطلقًا.

قال الجامع عفا الله عنه: هكذا قال في "الفتح"، وفيه نظر لا يخفى؛ إذ


(١) "شرح النوويّ" ٧/ ٢٠٨.
(٢) "المفهم" ٣/ ١٥٧.
(٣) "التمهيد" ٢١/ ٩٧ - ٩٨.