للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

غير إفطار بالليل، والحكمة في النهي أنه يورث الضعف، والسآمة، والقصور عن أداء غيره من الطاعات، فقيل: النهي للتحريم، وقيل: للتنزيه، والقول بالتحريم هو الحقّ، كما سيأتي.

(قَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ) وفي الرواية التالية: "قيل له: أنت تواصل"، وفي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- الآتي: "فقال له رجلٌ من المسلمين: فإنك يا رسول الله تواصل".

وقال في "الفتح": قوله: "قالوا: إنك تواصل" كذا في أكثر الروايات، وفي رواية أبي هريرة -رضي الله عنه-: "فقال له رجل من المسلمين"، وكان القائل واحد، ونُسب القول إلى الجميع؛ لرضاهم به، ولم أقف على تسمية هذا القائل في شيء من الطرق. انتهى (١).

(قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ) وفي الرواية التالية: "إني لست مثلكم"، وفي حديث أبي هريرة": "وأيّكم مثلي"، ونحوه في مرسل الحسن عند سعيد بن منصور، وهذا الاستفهام يفيد التوبيخ المشعر بالاستبعاد، وقوله: "مثلي": أي على صفتي، أو منزلتي من ربّي، قاله في "الفتح" (٢).

(إِنِّي أُطْعَمُ، وَأُسْقَى") بالبناء للمفعول؛ أي يُطعمني الله سبحانه وتعالى، ويسقيني، وفي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: "إني أبيت يُطعمني ربي، ويسقيني".

قال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: معناه يجعل الله تعالى فِيَّ قُوّة الطاعم الشارب، وقيل: هو على ظاهره، وأنه يُطْعَم من طعام الجنة، كرامةً له، والصحيح الأول؛ لأنه لوأكل حقيقةً لم يكن مواصلًا، ومما يوضح هذا التأويل، ويقطع كل نزاع قوله -صلى الله عليه وسلم- في الرواية التي بعد هذا: "إني أَظَلَّ يُطعمني ربي، ويسقيني"، ولفظة "ظَلّ" لا يكون إلا في النهار، قال: ولا يجوز الأكل الحقيقيّ في النهار بلا شك. انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: سيأتي تمام البحث في هذا في المسألة السادسة -إن شاء الله تعالى- وترجيح مذهب القائلين بحمل الحديث على ظاهره،


(١) "الفتح" ٥/ ٣٧٠.
(٢) "الفتح" ٥/ ٣٧٠.
(٣) "شرح النوويّ" ٧/ ٢١٢.