للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أيضًا كذلك عند سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، من مرسل الحسن، بلفظ: "أني أبيت عند ربي". انتهى.

وقال قبل ذلك: وقد رواه أحمد، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة كلهم عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، بلفظ: "إني أظلّ عند ربي، فيطعمني، ويسقيني"، وكذلك رواه أحمد أيضًا عن ابن نُمير، وأبو نعيم في "المستخرج"، من طريق إبراهيم بن سعيد، عن ابن نُمير، عن الأعمش، وأخرجه أبو عوانة، عن عليّ بن حرب، عن أبي معاوية كذلك، وأخرجه هو وابن خزيمة من طريق عَبِيدة بن حُميد، عن الأعمش كذلك. انتهى (١)، وهو بحث مفيدٌ.

قال الجامع عفا الله عنه: حاصل ما أشار إليه الحافظ في بحثه المذكور، أن المصنّف خالف العادة المشهورة، وهي أنه إذا قيل: "بمثل حديث فلان" يراد به اتّفاقهما في اللفظ، وأما إذا اختلفا، فيُقال: بنحوه، وهنا قد اختلفت رواية الأعمش، عن أبي صالح، ورواية عمارة، عن أبي زرعة، فرواية الأعمش؛ بلفظ: "إني أَظَلّ عند ربي، يطعمني ويسقيني"، ورواية عُمارة بلفظ: "إني أبيت يُطعمني ربي، ويسقيني"، هذا حاصل ما أشار إليه.

لكن الذي ظهر لي بتتبعي صنيع المصنّف -رَحِمَهُ اللهُ- أن اصطلاحه في كتابه هذا ليس جارياً على القاعدة المذكورة، بل هو من باب التفنّن بتنويع العبارات، فتارة يعبّر بقوله: "بمثله" وتارة يُعبّر "بنحوه"، وتارة "مثله"، وتارةً "نحوه"، وتارةً "بمعناه"، سواء اتّحد الحديثان باللفظ، أو بالمعنى فقط، فلا ينبغي مطالبته بقاعدة أسّسها غيره، فإن لكلّ مصنّف منهجه، واصطلاحه الخاصّ به، وقد قرّرت هذا في غير هذا المحلّ، وبالله تعالى التوفيق.

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام البحث فيه مستوفًى، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.


(١) "الفتح" ٥/ ٣٧٦ كتاب "الصوم" رقم (١٩٦٦).