رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) "رسول" تنازعه "أخذ"، و"يواصل"، فاعمل الثاني على رأي البصريين؛ لقربه، وأعمل الأول على رأي الكوفيين؛ لسبقه، وإلى هذا أشار في "الخلاصة" بقوله:
(وَذَاكَ) أي وصاله - صلى الله عليه وسلم - (فِي آخِرِ الشَّهْرِ) أي آخر شهر رمضان (فَأَخَذَ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يُوَاصِلُونَ) أي اقتداءً به - صلى الله عليه وسلم - (فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَا بَالُ رِجَالٍ) أي ما شأنهم، وحالهم (يُوَاصِلُونَ") هذا قاله إنكاراً عليهم صنيعهم هذا، ثم قاله لهم مبيّناً اختصاصه بهذا الوصال (إِنَّكُمْ لَسْتُمْ مِثْلِي) أي لأني أبيت عند ربي يُطعمني، ويسقيني (أَمَا) أداة استفتاح، وتنبيه، كـ "ألا"(وَاللهِ لَوْ تَمَادَّ لِي الشَّهْرُ) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: هكذا هو في معظم الأصول؛ يعني بتشديد الدال، وفي بعضها:"تمادى"، وكلاهما صحيح، وهو بمعنى "مُدّ" في الرواية الأخرى. انتهى. (لَوَاصَلْتُ وِصَالاً يَدَعُ) بفتح أوله وثانيه مضارع وَدَعَ، يقال: وَدَعْتُهُ أَدَعُهُ وَدْعاً: تركته، وأصل المضارع الكسر، ومن ثَمَّ حُذفت الواو، ثم فُتِحَ؛ لمكان حرف الحلق، قال بعض المتقدمين: وزَعَمَت النحاة أن العرب أماتت ماضي يَدَعُ، ومصدره، واسم الفاعل، وقد قرأ مجاهدٌ، وعُروة، ومقاتلٌ، وابن أبي عَبْلَة، ويزيد النحويّ:{مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ}[الضحى: ٣] بالتخفيف، وفي الحديث:"لينتهين قوم عن ودعهم الجمعات": أي عن تركهم، فقد رُوِيت هذه الكلمة عن أفصح العرب، ونُقِلت من طريق القراء، فكيف يكون إماتةً، وقد جاء الماضي في بعض الأشعار، وما هذه سبيله، فيجوز القول بقلة الاستعمال، ولا يجوز القول بالإماتة، قاله الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللهُ- (١).
وقوله:(يَدَعُ) أي يترك (الْمُتَعَمِّقُونَ) أي المتكلفون المتشددون، قال في "النهاية": المتعمِّق: المبالغ في الأمر، المتشدد فيه، الذي يَطْلُب أقصى غايته. انتهى.
وقال النوويّ: هم المشددون في الأمور، المجاوزون الحدود في قول، أو فعل. انتهى.