للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقيل: لعضوه، ثم قال: قال أبو عبيد، والخطابيّ: كذا يقوله أكثر الرواة، والإِرْب: العضو، وإنما هو لأَرَبه بفتح الهمزة والراء، ولأَرَبته: أي لحاجته، قالوا: الأَرَب أيضًا الحاجة، قال الخطابيّ: والأول أظهر، قال القاضي عياض: وقد جاء في "الموطأ" روايةِ عبيد الله: "أيكم أملك لنفسه؟ ". انتهى.

وبذلك فسّره الترمذيّ -رَحِمَهُ اللهُ- في "جامعه"، فقال: ومعنى لأَرَبه: تعني لنفسه.

وقال العراقيّ -رَحِمَهُ اللهُ- في شرحه: وهو أولى الأقوال بالصواب؛ لأن أولى ما فُسِّر به الغريب ما ورد في بعض طرق الحديث.

وفي "الموطأ" من حديث عائشة - رضي الله عنها - بلاغاً: "وأيكم أملك لنفسه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ ". انتهى.

وذكر ابن سيده في "الْمُحْكَم" أن الأَرَب: الحاجة، قال: وفي الحديث: "كان أملككم لأربه": أي أغلبكم لهواه وحاجته.

وقال السلميّ: الأَرَب: الفرج هاهنا، وهو غير معروف. انتهى. وتخصيصه في أصل الاستعمال بالفرج غير معروف، كما قاله، ولكنه لمطلق العضو، وأريد باللفظ العامّ هنا عضو خاصّ، وهو الفرج؛ لقرينة دالّة على ذلك، وقد قال في "المحكم" بعد ذلك: الأَرَبُ العضو الموفر الكامل الذي لم ينقص منه شيء، والذي ذكره الجوهريّ وغيره أنه العضو، ولم يقيّدوه بأن يكون موفَراً كاملاً. انتهى كلام وليّ الدين -رَحِمَهُ اللهُ-، وهو مفيدٌ.

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قال العلماء: معنى كلام عائشة - رضي الله عنها - أنه ينبغي لكم الاحتراز عن القبلة، ولا تتوهموا من أنفسكم أنكم مثل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في استباحتها؛ لأنه يملك نفسه، ويأمن الوقوع في قبلة يتولد منها إنزال، أو شهوة، أو هَيَجان نفس، ونحو ذلك، وأنتم لا تأمنون ذلك، فطريقكم الانكفاف عنها. انتهى (١).

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام شرحه، وبيان مسائله قبل حديث، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.


(١) "شرح النوويّ" ٧/ ٢١٦ - ٢١٧.