للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

واحتُجّ له بأن الإنزال أقصى ما يُطلب بالجماع من الالتذاذ في كل ذلك.

وتُعُقب بأن الأحكام عُلِّقت بالجماع، ولو لم يكن إنزال فافترقا، وروى عيسى بن دينار، عن ابن القاسم، عن مالك وجوب القضاء فيمن باشر، أو قَبّل، فأنعظ، ولم يُمذ، ولا أنزل، وأنكره غيره عن مالك، وأبلغ من ذلك ما رَوَى عبد الرزاق عن حذيفة: من تأمل خَلْقَ امرأته، وهو صائم بطل صومه، لكن إسناده ضعيف.

وقال ابن قُدامة: إن قبّل فأنزل أفطر بلا خلاف، كذا قال، وفيه نظرٌ، فقد حَكَى ابن حزم أنه لا يفطر، ولو أنزل، وقَوَّى ذلك، وذهب إليه.

قال الجامع عفا الله عنه: ما ذهب إليه ابن حزم -رَحِمَهُ اللهُ- هو الذي تؤيّده النصوص الكثيرة، وأما من قال ببطلان صومه بالإنزال، أو الإمذاء، فمما لا دليل عليه، فقد علم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن الرجل إذا قبّل امرأته، ولا سيّما الشابّ ربما أمنى، أو أمذى، ومع ذلك فلم يقل ببطلان صومه، فمن أين تكون الحجة؟ فتأمله بالإنصاف.

وإنما ذكرت هذا التنبيه من عبارة الفتح مع أني ذكرت مذاهب العلماء وأدلّتهم في هذه المسألة في المسألة الرابعة من شرح حديث عائشة - رضي الله عنها - الأول؛ لأني رأيت في عبارة "الفتح" تحقيقاً وتنقيحاً، فأحببت أن لا يخلو شرحي من هذه الفوائد، فلا تلمني بالتكرار، حقّق الله تعالى أملي وأملك ببلوغ نهاية الكتاب، والله ذو الفضل العظيم.

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى شرحه، وبيان مسائله، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[٢٥٧٧] ( … ) - (حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها -: أَن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُقَبِّلُ، وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لإِرْبِهِ).