للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفَرَّق آخرون بين الشاب والشيخ، فكرهها للشاب، وأباحها للشيخ، وهو مشهور عن ابن عباس، أخرجه مالك، وسعيد بن منصور، وغيرهما، وجاء فيه حديثان مرفوعان (١)، فيهما ضعف، أخرج أحدهما أبو داود، من حديث أبي هريرة، والآخر أحمد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.

وفرّق آخرون بين من يملك نفسه، ومن لا يملك، كما أشارت إليه عائشة - رضي الله عنها -، وكما تقدم ذلك في مباشرة الحائض في "كتاب الحيض"، وقال الترمذيّ: ورأى بعض أهل العلم أن للصائم إذا ملك نفسه أن يقبّل، وإلا فلا؛ لِيَسْلَم له صومه، وهو قول سفيان، والشافعيّ، ويدل على ذلك (٢) ما رواه مسلم، من طريق عُمَر بن أبي سلمة، وهو ربيب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيقبل الصائم؟ فقال: "سل هذه" لأم سلمة، فأخبرته أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع ذلك، فقال: يا رسول الله، قد غفر لك الله ما تقدم من ذنبك، وما تأخر، فقال: "أما والله، إني لأتقاكم لله، وأخشاكم له"، فدل ذلك على أن الشاب والشيخ سواءٌ لأن عمر حينئذ كان شابًّا، ولعله كان أول ما بلغ، وفيه دلالة على أنه ليس من الخصائص.

ورَوَى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن عطاء بن يسار، عن رجل من الأنصار، أنه قَبّل امرأته، وهو صائم، فأمر امرأته أن تسأل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فسألته، فقال: "إني أفعل ذلك"، فقال زوجها: يرخّص الله لنبيّه فيما يشاء، فرجعت، فقال: "أنا أعلمكم بحدود الله، وأتقاكم"، وأخرجه مالك، لكنه أرسله، قال: عن عطاء: أن رجلاً … فذكر نحوه مطوَّلاً.

واختُلف فيما إذا باشر، أو قبّل، أو نظر، فأنزل، أو أمذى، فقال الكوفيون، والشافعيّ: يقضي إذا أنزل في غير النظر، ولا قضاء في الامذاء، وقال مالك، وإسحاق: يقضي في كل ذلك، ويُكَفِّر، إلا في الإمذاء، فيقضي فقط.


(١) تقدّم ذكر الحديثين قريباً.
(٢) قال الجامع: قوله: "ويدلّ على ذلك إلخ" فيه نظرٌ لا يخفى، بل هذا يدل على عكسه، فتأمله بإمعان، والله تعالى أعلم.