[والثالث]: جواب ابن المنذر فيما رواه عنه البيهقيُّ أن حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - منسوخ، وأنه كان في أول الأمر حين كان الجماع محرَّمًا في الليل بعد النوم، كما كان الطعام والشراب محرَّمًا، ثم نُسِخَ ذلك، ولم يعلمه أبو هريرة - رضي الله عنه -، فكان يفتي بما علمه حتى بلغه الناسخ، فرجع إليه، قال ابن المنذر - رَحِمَهُ اللهُ -: هذا أحسن ما سمعت فيه، والله أعلم. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي استحسنه ابن المنذر - رَحِمَهُ اللهُ - أشبه الأجوبة، وأرجحها، وسيأتي أنه قول المحقّقين، والله تعالى أعلم.
قال ابن جُريج:(قُلْتُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ: أَقَالَتَا) وفي نسخة: "أَوَ قالتا"(فِي رَمَضَانَ؟) يعني أن عائشة وأم سلمة - رضي الله عنها - هل قالتا في حديثهما:"كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يُصبح جنبًا من غير حلُم في رمضان، ثم يصوم") (قَالَ) عبد الملك (كَذَلِكَ كَانَ يُصْبحُ جُنُبًا مِنْ غَيْرِ حُلمٍ، ثُمَّ يَصُومُ) أراد أنه ليس في روايته ذكر "في رمضان"، وهذا لا ينافي ما سيأتي من رواية عبد ربه بن سعيد، عن أبي بكر بن عبد الرَّحمن، أنهما قالتا:"إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصبح جنبًا من جماع، من غير احتلام في رمضان، ثم يصوم"؛ لاحتمال أن يكون أبو بكر حين حدّث به عبد الملك لَمْ يذكره، وذكره حين حدّث عبد ربه بن سعيد، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عائشة وأم سلمة - رضي الله عنها - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [١٣/ ٢٥٨٩ و ٢٥٩٠ و ٢٥٩١ و ٢٥٩٢](١١٠٩)، و (البخاريّ) في "الصوم"(١٩٢٥ و ١٩٢٦ و ١٩٣١)، و (أبو داود) في "الصوم"(٢٣٨٨)، و (الترمذيّ) في "الصوم"(٧٧٩)، و (النسائي) في "الكبرى"(٢/ ١٨٣)، و (مالك) في "الموطّأ"(١/ ٢٩٠)، و (الشافعي) في "المسند"(١/ ٢٥٩ - ٢٦٠)، و (عبد الرزّاق) في "مصنفه"(٤/ ١٨٠)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنَّفه"