للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١٣ - (ومنها): أن فيه الأدبَ مع العلماء، والمبادرة لامتثال أمر ذي الأمر؛ إذا كان طاعة، ولو كان فيه مشقّةٌ على المأمور، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في بيان اختلاف أهل العلم في صوم من أدركه الفجر، وهو جنب:

قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: أجمع أهل هذه الأمصار على صحة صوم الجنب، سواء كان من احتلام، أو جماع، وبه قال جماهير الصحابة، والتابعين، وحُكِي عن الحسن بن صالح إبطاله، وكان عليه أبو هريرة، والصحيح أنه رجع عنه، كما صُرِّح به هنا في رواية مسلم، وقيل: لَمْ يرجع عنه، وليس بشيء، وحُكِي عن طاوس، وعروة، والنخعيّ: إن علم بجنابته لَمْ يصحّ، وإلا فيصحّ، وحُكِي مثله عن أبي هريرة، وحُكِي أيضًا عن الحسن البصريّ، والنخعيّ أنه يجزيه في صوم التطوع دون الفرض، وحُكِي عن سالم بن عبد الله، والحسن البصريّ، والحسن بن صالح: يصومه ويقضيه، ثم ارتفع هذا الخلاف، وأجمع العلماء بعد هؤلاء على صحته، كما قدمناه، وفي صحة الإجماع بعد الخلاف خلافٌ مشهورٌ لأهل الأصول، وحديثُ عائشة وأم سلمة - رضي الله عنهما - حجة على كلّ مخالف. انتهى (١).

وقال في "الفتح": وقد بقي على مقالة أبي هريرة هذه بعض التابعين، كما نقله الترمذيّ، ثم ارتفع ذلك الخلاف، واستقرّ الإجماع على خلافه، كما جزم به النوويّ، وأما ابن دقيق العيد، فقال: صار ذلك إجماعًا، أو كالإجماع، لكن من الآخذين بحديث أبي هريرة مَن فَرَّق بين من تعمّد الجنابة، وبين من احتلم، كما أخرجه عبد الرزاق عن ابن عيينة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، وكذا حكاه ابن المنذر - رَحِمَهُ اللهُ -، عن طاوس أيضًا، قال ابن بطال: وهو أحد قولي أبي هريرة، قال الحافظ: ولم يصح عنه، فقد أخرج ذلك ابن المنذر من طريق أبي الْمُهَزم (٢)، وهو ضعيف، عن أبي هريرة.


(١) "شرح النوويّ" ٧/ ٢٢٢.
(٢) قال في "التقريب": أبو الْمُهَزِّم" بتشديد الزاي المكسورة التميميّ البصريّ، اسمه يزيد، وقيل: عبد الرَّحمن بن سفيان، متروك من الثالثة. انتهى.