صومي في ذلك اليوم؟ (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (وَأَنَا تُدْرِكُني الصَّلَاةُ، وَأَنَا جُنُبٌ فَأَصُومُ") أي فلك أسوة فيَّ في ذلك (فَقَالَ) الرجل (لَسْتَ مِثْلَنَا يَا رَسُولَ اللهِ) وقوله: (قَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ، وَمَا تَأَخَّرَ) جملة تعليليّة علَّل بها عدم كونه - صلى الله عليه وسلم - مثلنا؛ لأن من غُفر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخّر لا يكون مثل من لَمْ يُغفر له (فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ردًّا عليه ("وَاللهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّقِي") "ما" موصولة، والعائد محذوف؛ أي بالأمر الذي أتقيه؛ يعني أنه أعلم الناس بالأمور التي يُتّقى الله - عَزَّ وَجَلَّ - بها، ويَحْتَمِل أن تكون "ما" بمعنى "من"، مرادًا بها الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -، فيكون المعنى: وأعلمكم بالله الذي أتقيه، فيكون بمعنى الحديث الآخر: "إني لأتقاكم لله، وأخشاكم له"، وقد تقدَّم، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلَّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عائشة - رضي الله عنها - هذا من أفراد المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ -.
(المسألة الثانية): في تخريجه: أخرجه (المصنّف) هنا [١٣/ ٢٥٩٣](١١١٠)، و (النسائيّ) في "الكبرى" (٢/ ١٩٠ و ٦/ ٤٦٢)، و (مالك) في "الموطّأ" (١/ ٢٨٩)، و (الشافعيّ) في "المسند" (١/ ١٠٤)، و (أحمد) في "مسنده" (٦/ ٦٧ و ١٥٦ و ٢٤٥)، و (ابن خزيمة) في "صحيحه" (٢٠١٤)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (٢/ ٢٠١)، و (أبو يعلى) في "مسنده" (٧/ ٤٠١)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (٣/ ١٨٧)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (٣٤٩٢ و ٣٤٩٥ و ٣٥٠١)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (٤/ ٢١٤)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان صحّة صوم من أدركه الفجر، وهو جنبٌ، قال ابن عبد البرّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وفيه المعنى المقصود إليه في هذا الحديث، وذلك أن الجنب إذا لَحِقته جنابة ليلًا قبل الفجر لَمْ يَضُرّ صيامه أن لا يغتسل إلَّا بعد الفجر، وقد اختَلَفَت الآثار في هذا الباب، واختَلَف فيه العلماء أيضًا، وإن كان