وأما الحافظ، فقال: لَمْ أقف على تسمية هذا الرجل إلَّا أن عبد الغنيّ في "المبهمات"، وتبعه ابن بشكوال، جَزَمَا بأنه سليمان، أو سلمة بن صخر البياضيّ، واستندا إلى ما أخرجه ابن أبي شيبة وغيره، من طريق سليمان بن يسار، عن سلمة بن صخر، أنه ظاهر من امرأته في رمضان، وأنه وطئها، فقال له النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لك رقبة غيرها، وضرب صفحة رقبته، قال:"فصم شهرين متتابعين"، قال: وهل أُصبت الذي أُصبت إلَّا من الصيام؟، قال:"فأعم ستين مسكينًا قال: والذي بعثك بالحق ما لنا طعام، قال: "فانطَلِقْ إلى صاحب صدقة بني زُرَيق، فليدفعها إليك".
والظاهر أنهما واقعتان، فإن في قصة المجامع في حديث الباب أنه كان صائمًا، كما سيأتي، وفي قصة سلمة بن صخر أن ذلك كان ليلًا، فافترقا، ولا يلزم من اجتماعهما في كونهما من بني بياضة، وفي صفة الكفارة، وكونها مرتبة، وفي كون كلّ منهما كان لا يقدر على شيء من خصالها، اتحاد القصتين، قال: وسنذكر أيضًا ما يؤيد المغايرة بينهما.
وأخرج ابن عبد البرّ في ترجمة عطاء الخرسانيّ من "التمهيد" من طريق سعيد بن بَشِير، عن قتادة، عن سعيد بن المسيِّب أن الرجل الذي وقع على امرأته في رمضان في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - هو سليمان بن صخر، قال ابن عبد البرّ: أظن هذا وَهَمًا؛ لأن المحفوظ أنه ظاهر من امرأته، ووقع عليها في الليل، لا أن ذلك كان منه بالنهار. انتهى.
ويَحْتَمِل أن يكون قوله في الرواية المذكورة: "وقع على امرأته في رمضان" أي ليلًا بعد أن ظاهر، فلا يكون وَهَمًا، ولا يلزم الاتحاد.
ووقع في مباحث العامّ من شرح ابن الحاجب ما يوهم أن هذا الرجل هو أبو بُرْدة بن يسار، وهو وَهَمٌ يظهر مِن تأمّل بقية كلامه. انتهى (١).
(فَقَالَ: هَلَكْتُ يَا رَسُولَ اللهِ) زاد عبد الجبار بن عمر، عن الزهريّ: "جاء رجل، وهو يَنْتِف شعره، وَيدُقّ صدره، ويقول: هلك الأبعد"، ولمحمد بن أبي