للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال القاري: المعنى: لا يُحبّني حبًّا مشروعًا مُطابقًا للواقع من غير زيادة ونقصان؛ ليخرُج النصيريّ (١) والخارجيّ. انتهى (٢).

(وَلَا يُبْغِضَنِي) بضم أوله، وكسر ثالثه رباعيًّا من أبغضه بالألف لا غيرُ، قال الفيّوميّ: وأبغضته إبغاضًا، فهو مُبغَضٌ، قالوا: ولا يُقال: بَغَضته بغير ألف (٣). انتهى (٤).

(إِلَّا مُنَافِقٌ) أي إلا من ليس مؤمنًا باطنًا، وإن تظاهر بمظهر الإسلام.

والمنافق اسم فاعل من النفاق، وهو - كما قال ابن الأثير - اسم إسلاميّ، لم تعرفه العرب بالمعنى المخصوص به، وهو الذي يستُر كفره، ويُظهر إيمانه، وإن كان أصله في اللغة معروفًا، يقال: نافق ينافق منافقةً ويفاقًا، وهو مأخوذ من النافقاء، أحد جِحَر اليربوع، إذا طُلب من واحد هرب إلى الآخر وخرج منه. وقيل: من النَّفَق، وهو السَّرَب الذي يُستَتر فيه؛ لِسَتْرِهِ كُفْرَهُ (٥).

والمراد بالبغض هو البغض لأجل مزاياه الدينيّة، وأما البغض الناشئ بسبب أمر دنيويّ يفضي إليه بالطبع، كما يجري في التعامل، فليس نفاقًا أصلًا،


(١) "النصيريّ" بالتصغير نسبة إلى نُصير اسم رجل، والنصيريّة طائفة من غلاة الشيعة، ينتسبون إلى رجل اسمه نُصير، وكان من جماعة قريبًا من سبعة عشر نفسًا، كانوا يزعمون أن عليًّا هو الله، وهؤلاء شرّ الشيعة، وكان ذلك في زمن عليّ، فحذّرهم، وقال: إن لم ترجعوا عن هذا القول، وتجدّدوا إسلامكم، وإلا عاقبتكم عقوبة ما سمعوا مثلها في الإسلام، ثم أمر بأخدود، وحفر في رحبة جامع الكوفة، فأشعل فيه النار، وأمرهم بالرجوع فما رجعوا، فأمر غلامه قنبر حتى ألقاهم في النار، فهرب واحد من الجماعة، اسمه نُصير، واشتهر هذا الكفر منه، وأن عليًّا لما ألقاهم في النار التفت واحد، وقال: الآن تحقّقت أنه هو الله؛ لأنه بلغنا عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا يعذّب بالنار إلا ربها". انتهى. "الأنساب" ٥/ ٤٩٨ - ٥٠٠.
(٢) "المرقاة" ١٠/ ٤٥٧.
(٣) وقال في "القاموس" و"شرحه" ٥/ ٩: قال أبو حاتم: وقولهم: أنا أبغُضُه، وَيبْغُضُني بالضمّ لغة رديئة. انتهى.
(٤) "المصباح" ١/ ٥٦.
(٥) راجع: "النهاية" ٥/ ٩٨.