الحارث، عن عبد الرحمن بن القاسم، وفيه قال: أصبت أهلي، قال:"تصدّق"، قال: والله ما لي شيءٌ، قال:"اجلس"، فجلس، فأقبل رجل يسوق حمارًا، عليه طعام، فقال:"أين المحترق آنفًا؟ "، فقام الرجل: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تصدق بهذا"، فقال: أعلى غيرنا؟، فوالله إنّا لجياع، قال:"كلوه".
قال: وقد استُدِلّ به لمالك، حيث جزم في كفارة الجماع في رمضان بالإطعام، دون غيره من الصيام، والعتق، ولا حجة فيه؛ لأن القصة واحدة، وقد حفظها أبو هريرة - رضي الله عنه -، وقَصَّها على وجهها، وأوردتها عائشة - رضي الله عنها - مختصرةً، أشار إلى هذا الجواب الطحاويّ، قال الحافظ: والظاهر أن الاختصار من بعض الرواة، فقد رواه عبد الرحمن بن الحارث، عن محمد بن جعفر بن الزبير، بهذا الإسناد، مفسَّرًا، ولفظه: كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - جالسًا في ظلّ فارع -يعني بالفاء، والمهملة- فجاءه رجل من بني بياضة، فقال: احترقت، وقعت بامرأتي في رمضان، قال:"أعتق رقبةً"، قال: لا أجدها، قال:"أطعم ستين مسكينًا"، قال: ليس عندي … ، فذكر الحديث، أخرجه أبو داود، ولم يسق لفظه، وساقه ابن خزيمة في "صحيحه"، والبخاريّ في "تاريخه"، ومن طريقه البيهقيّ، ولم يقع في هذه الرواية أيضًا ذكر صيام شهرين، ومن حَفِظ حجة على من لم يحفظ.
[تنبيه]: اختَلَفَت الرواية عن مالك في ذلك، فالمشهور ما تقدم، وعنه يُكَفِّر في الأكل بالتخيير، وفي الجماع بالإطعام فقط، وعنه التخيير مطلقًا، وقيل: يُراعَى زمان الْخِصْب والجدب، وقيل: يُعتبر حالة المكفِّر، وقيل غير ذلك. انتهى (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عائشة - رضي الله عنها - هذا متّفقٌ عليه.