للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جاريةٌ بينها وبين المدينة سبع مراحل أو نحوها، وبينها وبين مكة قريب من مرحلتين، وهي أقرب إلى المدينة من عُسفان، قال القاضي عياض رحمه الله: الكديد: عين جاريةٌ على اثنين وأربعين ميلًا من مكة، قال: وعُسفان قرية جامعة، بها منبر، على ستة وثلاثين ميلّا من مكة، قال: والكديد ما بينها وبين قُديد.

وفي الحديث الآخر: "فصام حتى بلغ كُرَاع الغميم"، وهو بفتح الغين المعجمة، وهو واد أمام عُسفان بثمانية أميال، يضاف إليه هذا الكُراع، وهو جبل أسود، متصل به، والكُراع كلُّ أنف سال من جبل، أو حَرَّة، قال القاضي: وهذا كله في سفر واحد في غَزَاة الفتح، قال: وسُمِّيت هذه المواضع في هذه الأحاديث؛ لتقاربها، وإن كانت عُسفان متباعدة شيئًا عن هذه المواضع، لكنها كلها مضافة إليها، ومِن عَمَلها، فاشتَمَل اسم عُسفان عليها، قال: وقد يكون - صلى الله عليه وسلم - عَلِمَ حال الناس، ومشقتهم في بعضها، فأفطر، وأمرهم بالفطر في بعضها. انتهى كلام القاضي رحمه الله (١).

قال النوويّ رحمه الله بعد نقل كلام القاضي هذا: وهو كما قال إلا في مسافة عُسفان، فإن المشهور أنها على أربعة بُرُدٍ من مكة، وكل بَرِيد أربعة فراسخ، وكل فرسخ ثلاثة أميال، فالجملة ثمانية وأربعون ميلًا، هذا هو الصواب المعروف الذي قاله الجمهور. انتهى كلام النوويّ رحمه الله (٢).

وقال في "الفتح": قوله: "فلما بلغ الكَدِيد"- بفتح الكاف، وكسر الدال المهملة-: مكان معروف، وقع تفسيره في نفس الحديث بأنه بين عُسفان وقُديد -يعني بضم القاف على التصغير- ووقع في رواية المستملي وحده نسبة هذا التفسير للبخاريّ، لكن سيأتي في "المغازي" موصولًا من وجه آخر في نفس الحديث، وسيأتي قريبًا (٣) عن ابن عباس من وجه آخر: "حتى بلغ عُسفان " بدل الكَدِيد وفيه مجاز القرب؛ لأن الكَديد أقرب إلى المدينة من عُسفان، وبين الكديد ومكة مرحلتان، قال البكريّ: هو بين أَمَج -بفتحتين، وجيم- وعُسفان


(١) "إكمال المعلم" ٤/ ٦٤.
(٢) "شرح النووي " ٧/ ٢٣٠.
(٣) هي الرواية الخامسة هنا عند مسلم رقم [٢٦٠٨].