وهو ماء عليه نخل كثير، ووقع عند مسلم في حديث جابر:"فلما بلغ كُراع الغميم"، هو بضم الكاف، والغَمِيم بفتح المعجمة، وهو اسم وادٍ أمام عُسفان، قال عياض: اختَلَفت الروايات في الموضع الذي أفطر - صلى الله عليه وسلم - فيه، والكل في قصة واحدة، وكلها متقاربة، والجميع من عَمَل عُسفان. انتهى.
(ثُمَّ أفطَرَ) وقد وقع الحديث عند البخاريّ في "المغازي" بسياق أوضح من هذا من طريق معمر، عن الزهريّ، ولفظه:"خرج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في رمضان من المدينة، ومعه عشرة آلاف من المسلمين، وذلك على رأس ثمان سنين ونصف من مَقْدَمه المدينة، فسار ومن معه من المسلمين، يصوم ويصومون، حتى بلغ الكَدِيد، فأفطر وأفطروا".
وأخرج أيضًا في "المغازي" من طريق خالد الحذّاء، عن عكرمة، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: خرج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في رمضان، والناس صائم ومفطر، فلما استوى على راحلته دعا بإناء من لبن، أو ماء فوضعه على راحلته، ثم نظر الناس، زاد في رواية أخرى، من طريق طاوس، عن ابن عباس:"ثم دعا بماء، فشرب نهارًا؛ ليراه الناس".
وأخرجه الطحاويّ من طريق أبي الأسود، عن عكرمة أوضح من سياق خالد، ولفظه:"فلما بلغ الكَدِيد بلغه أن الناس يشق عليهم الصيام، فدعا بقدح من لبن، فأمسكه بيده حتى رآه الناس، وهو على راحلته، ثم شَرِبَ، فأفطر، فناوله رجلًا إلى جنبه، فشرب"، ويأتي للمصنّف في الباب من طريق الدّراوَرْديّ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر - رضي الله عنه - في هذا الحديث:"فقيل له: إن الناس قد شق عليهم الصيام، وإنما ينظرون فيما فعلتَ، فدعا بقدَح من ماء بعد العصر"، وله من طريق عبد الوهّاب الثقفيّ، عن جعفر:"ثم شَرِبَ، فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام، فقال: أولئك العصاة"، واستَدَلّ بهذا الحديث على تحتم الفطر في السفر، ولا دلالة فيه، كما سيأتي بيانه، أفاده في "الفتح"(١).
وقال النوويّ رحمه الله: فيه دليلٌ لمذهب الجمهور أن الصوم والفطر جائزان،