قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي ردّ به الحافظ كلام الحافظ المزّيّ فيه نظرٌ، بل الصواب -والله تعالى أعلم- ما قاله المزّيّ رحمه الله، كما حقّقه الحافظ أبي الحسن ابن القطان رحمه الله في كتابه "بيان الوهم والإيهام"، وقد نقلته في "شرح النسائيّ"، فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.
(عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ - رضي الله عنهما -) أنه (قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ) وقد تقدّم في حديث جابر - صلى الله عليه وسلم - الماضي من طريق جعفر، عن أبيه، عنه أن ذلك السفر كان إلى مكة عام الفتح، ولابن خزيمة من طريق حماد بن سلمة عن أبي الزبير عن جابر: سافرنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - رمضان، فذكر نحوه (فَرَأَى رَجُلًا قَدْ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ) وفي رواية النسائيّ: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى ناسًا مجتمعين على رجل"(وَقَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ) بالبناء للمفعول، وفي رواية النسائيّ:"مرّ برجل في ظلّ شجرة، يُرشّ عليه الماء … "، وفي رواية له:"أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، رأى رجلًا قد ظُلّل عليه في السفر … "، وفي رواية ابن خزيمة:"فشقّ على رجل الصومُ، فجعلت راحلته تَهِيم به تحت الشجرة، فأُخبر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بذلك، فأمره أن يفطر".
[تنبيه]: قال الحافظ رحمه الله: لم أقف على اسم هذا الرجل -يعني المظلَّل عليه- ولولا ما قدّمته من أن عبد الله بن رواحة استُشهِد قبل غزوة الفتح لأمكن أن يفسّر به؛ لقول أبي الدرداء: إنه لم يكن من الصحابة في تلك السفرة صائمًا غير، وزعم مغلطاي أنه أبو إسرائيل، وعزا ذلك لـ"مبهمات الخطيب"، ولم يقل الخطيب ذلك في هذه القصّة، وإنما أورد حديث مالك، عن حميد بن قيس وغيره:"أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا قائمًا في الشمس، فقالوا: نذر أن لا يستظلّ، ولا يتكلّم، ولا يجلس، ويصوم … " الحديث، ثم قال: هذا الرجل هو أبو إسرائيل القرشيّ العامريّ، ثم ساق بإسناده إلى أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس:"كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم الجمعة، فنظر إلى رجل من قريش، يقال له: أبو إسرائيل، فقالوا: نذر أن يصوم، ويقوم في الشمس … " الحديث، فلم يزد الخطيب على هذا، وبين القصّتين مغايرات ظاهرة، أظهرها