للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَحْتمل أن يكون مبنيًّا للفاعل، والعائد محذوف؛ أي التي رَخّصها لكم، وَيحتمل أن يكون مبنيًّا للمفعول؛ أي التي رُخِّصت لكم، فالعائد مستتر، فتنبه.

[تنبيه]: قال في "الفتح": أوهم صاحب "العمدة" (١) أن قوله -صلى الله عليه وسلم-: (عليكم برخصة الله التي رخّص لكم، مما أخرجه مسلم بشرطه، وليس كذلك، وإنما هو بقية في الحديث لم يوصل إسنادها، نعم وقعت عند النسائيّ موصولة في حديث يحيى بن أبي كثير بسنده (٢)، وعند الطبرانيّ من حديث كعب بن عاصم الأشعريّ. انتهى (٣).

وقوله: (قَالَ: فَلَمَا سَأَلتُهُ لَمْ يَحْفَظْهُ) فاعل "قال" ضمير شعبة، والضمير المنصوب في "سألته " لشيخه محمد بن عبد الرحمن المذكور في السند السابق، والمعنى أن شعبة كان يبلغه عن يحيى بن أبي كثير أنه كان يروي هذا الحديث عن محمد بن عبد الرحمن شيخ شعبة المذكور، ويزيد في الحديث قوله: "عليكم برخصة الله الذي رخّص لكم"، فسأل شعبة شيخه محمد بن عبد الرحمن عن هذه الزيادة، فلم يحفظها في جملة الحديث الذي رواه عن محمد بن عمرو، عن جابر -رضي الله عنه-.

وهذا يدلّ على أن هذه الزيادة في حديث يحيى من هذا الطريق، أعني طريق محمد بن عبد الرحمن بن سعد غير محفوظة، وإنما هي محفوظة في


(١) يعني صاحب "عمدة الأحكام"، وهو المقدسيّ.
(٢) قال الإمام النسائيّ -رضي الله عنه- في "المجتبى" (٢٢٢٦): أخبرني شعيب بن شعيب بن إسحاق، قال: حدّثنا عبد الوهاب بن سعيد، قال: حدّثنا شعيب، قال: حدّثنا الأوزاعيّ، قال: حدّثني يحيى بن أبي كثير، قال: أخبرني محمد بن عبد الرحمن، قال: أخبرني جابر بن عبد الله: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مَرّ برجل في ظل شجرة، يُرَشّ عليه الماء، قال: "ما بال صاحبكم هذا؟ " قالوا: يا رسول الله صائم، قال: "إنه لشى من البر أن تصوموا في السفر، وعليكم برخصة الله التي رَخَّص لكم، فاقبلوها". انتهى. وهذا الإسناد تكلّم فيه النسائيّ، وقد ذكرت تحقيق ذلك في "شرحي"، ورجّحت أن الحقّ أنه صحيح، فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.
(٣) "الفتح" ٤/ ٦٩٧.