وقد روى سليمان بن يسار هذا الحديث عن حمزة بن عمرو الأسلميّ، وسنّه قريب من سنّ عروة، والحديث صحيح لعروة، وقد يجوز أن يكون عروة سمعه من عائشة، ومن أبي مُراوح جميعًا عن حمزة، فحدّث به عن كل واحد منهما، وأرسله أحيانًا، والله أعلم. انتهى كلام أبي عمر بن عبد البرّ رحمه الله (١).
قال الجامع عفا الله عنه: قد تلخّص مما سبق أن الحديث صحيح من رواية عروة عن عائشة قالت: سأل حمزة بن عمرو الأسلميّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومن روايته، عن أبي مراوح، عن حمزة بن عمرو الأسلميّ -رضي الله عنه-، أنه قال: يا رسول الله … إلخ.
والحاصل أنه صحيح، من مسند عائشة -رضي الله عنها-، ومن مسند حمزة -رضي الله عنه- نفسه، وأما رواية عروة أن حمزة بن عمرو … إلخ، المذكورة في "الموطا"، فمانها مرسلة، كما سبق بيانه، فتفظن، والله تعالى أعلم.
(رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَن الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ) وفي رواية حماد بن زيد التالية: "إني رجلٌ أسرُد الصوم، أفاصوم في السفر؟ "، وفي رواية أبي مُراوح الآتية:"قال: يا رسول الله أجد بي قوّة على الصيام في السفر، فهل عليّ جُناح؟ ".
قال ابن دقيق العيد رحمه الله: ليس في قوله: "أأصوم في السفر … إلخ " تصريح بأنه صوم رمضان، فلا يكون فيه حجة على من منع صيام رمضان في السفر.
قال الحافظ رحمه الله وهو كما قال بالنسبة إلى سياق حديث الباب، لكن في رواية أبي مُراوح الآتية عند مسلم، أنه قال: يا رسول الله أجد بي قُوّة على الصيام في السفر، فهل عليّ جناح؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "هي رخصة من الله، فمن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه"، وهذا يشعر بانه سأل عن صيام الفريضة، وذلك أن الرخصة إنما تُطلق في مقابلة ما هو واجب، وأصرح من ذلك ما أخرجه أبو داود، والحاكم من طريق محمد بن حمزة بن عمرو، عن أبيه، أنه قال: يا رسول الله، إني صاحب ظهر أعالجه، أسافر عليه، وأُكريه، وأنه ربما صادفني هذا الشهر -يعني رمضان- وأنا أجد القوّة،