للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأجدني أن أصوم أهون عليّ من أن أؤخِّره، فيكون دينًا عليّ؟ فقال: "أيَّ ذلك شئت يا حمزة". انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: الحديث المذكور فيه ضعف؛ لأن في سنده محمد بن حمزة بن عمرو مجهول الحال، كما قال ابن القطان، بل ضعّفه ابن حزم، وإن لم يوافق عليه، فتنبّه.

(فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفطِرْ") قال الإمام ابن عبد البرّ رحمه الله: في هذا الحديث التخيير للصائم في رمضان، إن شاء أن يصوم في سفره، وإن شاء أن يفطر، وهو أمر مُجْمَعٌ عليه، من جماعة فقهاء الأمصار، وهو الصحيح في هذا الباب، وذكر عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، قال: دعا عمر بن عبد العزيز سالم بن عبد الله، وعروة بن الزبير، فسألهما عن الصيام في السفر، فقال عروة: يصوم، وقال سالم: لا يصوم، فقال عروة: إنما أحَدِّث عن عائشة -رضي الله عنها-، وقال سالم: إنما أُحَدِّث عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنها-، قال: فلما امتريا قال عمر: اللهم غَفْرًا، صُمْه في الْيُسْر، وأفطره في العسر. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله -صلى الله عليه وسلم- لحمزة بن عمرو: "إن شئت صم، وإن شئت فأفطر"؛ نص في التخيير، ولا يقال: يَحْتَمِل أنه سأله عن سرد صوم التطوع لوجهين:

أحدهما: قوله في الرواية الأخرى: "هى رخصة من الله، فمن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه"، ولا يقال في التطوّع مثل هذا.

والثاني: أن حديثه هذا خرَّجه أبو داود، وقال فيه: يا رسول الله! إني صاحب ظهر، أسافر عليه، وأكريه في هذا الوجه، وأنه ربما صادفني هذا الشهر -يعني: رمضان- وأنا أجد القوة، وأنا شاب، وأجدني أن أصوم أهون من أن أؤخره فيكون دينًا عليّ، أفأصوم يا رسول الله! أعظم لأجري أو أفطر؛ فقال: "أي ذلك شئت يا حمزُ"، وهذا نصٌّ في أنه صوم رمضان.


(١) "الفتح" ٥/ ٣٣٣ - ٣٣٤.
(٢) "التمهيد" لابن عبد البرّ ٢٢/ ١٤٧ - ١٤٨.