رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، إِنِّي رَجُل أَسْرُدُ الصَّوْمَ، أفَاَصُومُ فِي السَّفَرِ؟ قَالَ (١): "صُمْ إِنْ شِئْتَ، وَأفطِرْ إِنْ شِئْتَ").
رجال هذا الإسناد: خمسة:
١ - (أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانيُّ) سليمان بن داود الْعَتَكيّ البصريّ، نزيل بغداد، ثقةٌ [١٠](ت ٢٣٤)(خ م د س) تقدم في "الإيمان" ٢٣/ ١٩٠.
٢ - (حَمَّادُ بْنُ زيدِ) بن درهم الأزديّ الْجَهضميّ، أبو إسماعيل البصريّ، ثقةٌ ثبتٌ فقيه، من كبار [٨](ت ١٧٩)(ع) تقدم في "المقدمة" ٥/ ٢٦.
والباقون ذُكروا قبله.
وقوله:(أَسْرُد الصوم) أي أتابعه -يعني آتي به متواليًا- والمراد ما عدا الأيام المنهيّة، وهو من سَرَد يَسْرُد، من باب نصر ينصر، وقال ابن التين: وضُبِط في بعض الأمهات بضم الهمزة، ولا وجه له في اللغة، إلَّا أن يريد بفتح السين، وتشديد الراء، على التكثير.
قيل: وفيه ردٌّ على من يرى أن صوم الدهر مكروه؛ لأنه أخبر بسرده، ولم ينكر عليه النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، بل أقرّه، وأَذِنَ له في السفر، ففي الحضر أولى.
وتُعُقّب بأن التتابع يصدق بدون صوم الدهر، فإن ثبتٌ النهي عن صوم الدهر لم يعارضه هذا الإذن بالسرد، بل الجمع بينهما واضح، قاله في "الفتح".
[فإن قلت]: إذنه -صلى الله عليه وسلم- هذا لحمزة بن عمرو -رضي الله عنهما- يعارضه نهيه -صلى الله عليه وسلم- عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما -.
[أجيب]: يحمل نهيه على ضعف عبد الله بن عمرو عن ذلك، بخلاف حمزة؛ لأنه ذكر أنه يجد قوّة على الصوم، فأذن له لذلك، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.