في رمضان، لكنني رجعت عن ذلك، وعرفت أنه ليس بصواب؛ لأن عبد الله بن رواحة -رضي الله عنه- استُشْهِد بمؤتة قبل غزوة الفتح بلا خلاف، وإن كانتا جميعًا في سنة واحدة، وقد استثناه أبو الدرداء في هذه السفرة مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فصح أنها كانت سفرة أخرى، وأيضًا فإن في سياق أحاديث غزوة الفتح أن الذين استمرُّوا من الصحابة صيامًا كانوا جماعة، وفي هذا أنه عبد الله بن رواحة وحده.
وأخرج الترمذيّ من حديث عمر -رضي الله عنه-: غزونا مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في رمضان يوم بدر، ويوم الفتح … الحديث، ولا يصح حمله أيضًا على بدر؛ لأن أبا الدرداء لم يكن حينئذ أسلم.
وفي الحديث دليل على أن لا كراهية في الصوم في السفر لمن قَوِي عليه، ولم يُصِبه منه مشقةٌ شديدةٌ. انتهى (١).
(فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، حَتَّى إِنْ)"حتى" بيان لغاية شدّهْ الحرّ، و"إِنْ" مخفّفة من الثقيلة، ولذا دخلت في خبرها اللام الفارقة بينها وبين "إن" النافية، قال في "الخلاصة":
(كَانَ أَحَدُنَا لَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأسِهِ، مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ، وَمَا) نافية؛ أي لم يوجد (فِينَا صَائِمٌ إِلَّا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَعَبْدُ الله بْنُ رَوَاحَةَ) بن ثعلبة بن امرئ القيس الخزرجيّ الأنصاريّ الصحابيّ الشهير وكان شاعرًا، وهو أحد السابقين إلى الإسلام، شَهِدَ بدرًا، واستُشهِد بمؤتة في جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة، وكان ثالث الأمراء بها، وله ذكر في "صحيح مسلم"، ولا رواية له، وقد تقدّم في (١٠/ ٢١٥٤)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.