للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هذا يشعر بان صوم يوم عرفة كان معروفًا عندهم، معتادًا لهم في الحضر، وكانّ مَن جَزَم بأنه صائم استَنَدَ إلى ما أَلِفَه من العبادة، ومَن جَزَم بأنه غير صائم قامت عنده قرينة كونه مسافرًا، وقد عُرِف عدم صومه عن الفرض في السفر فضلًا عن النفل، قاله في "الفتح".

وقال القرطبيّ رحمه الله: وسبب هذا الاختلاف: أنه تعارض عندهم ترغيب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في صوم يوم عرفة، وسبب الاشتغال بعبادة الحج، فشكُّوا في حاله، فارتفع الشك لَمّا شرب، وفُهِم: أن صوم عرفة إنما يكون فيه ذلك الفضل بغير عرفة، وأن الأولى ترك صومه بعرفة؛ لمشقة عبادة الحج، وقد روى النسائي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: نَهَى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صيام يوم عرفة بعرفة (١)، وهذا لما قلناه، والله تعالى أعلم. انتهى (٢).

(فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ صَائِمٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ بِصَائِم، فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ) بضمّ التاء للمتكلّم، وسيأتي في الحديث الذي يليه أن ميمونة بِنت الحارث - ضي الله عنها- هي التي أرسلت، فيَحْتَمِل التعدد، وَيحْتَمِل أنهما معًا أرسلتا، فنُسب ذلك إلى كل منهما؛ لأنهما كانتا أختين، فتكون ميمونة أرسلت بسؤال أم الفضل لها في ذلك؛ لكشف الحال في ذلك، ويَحْتَمِل العكس، وسيأتي الإشارة إلى تعيين كون ميمونة هي التي باشرت الإرسال، ولم يُسَمَّ الرسول في طُرُق حديث أم الفضل، لكن رَوَى النسائيّ من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- ما يدلّ على أنه كان الرسول بذلك، ويُقَوِّي ذلك أنه كان ممن جاء عنه أنه أَرْسَل إما أمه، وإما خالته، قاله في "الفتح" (٣).

(بِقَدَحِ لَبَنٍ) تقدّم أن القدح بفتحتين: إناء يُروي الرجلين (وَهُوَ وَاقِفٌ) جملة في محل نصب على الحال (عَلَى بَعِيرِهِ) بفتح الموحّدة، وقد تُكسَر: مثل الإنسان يقع على الذكر والأنثى، فيقال: حلبت بعير، والجمل بمنزلة الرجل يختصّ بالذكر، والناقة بمنزلة المرأة تختصّ بالأنثى، وقد تقدم تمام البحث في هذا في "كتاب الحيض، باب التيمّم" [٢٧/ ٨٢٢].


(١) تقدّم أن الحديث ضعيف.
(٢) "المفهم" ٣/ ١٨٩.
(٣) "الفتح" ٥/ ٤٢٤.