للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(بِعَرَفَه) زاد أبو نعيم في "مستخرجه" من طريق يحيى بن سعيد، عن مالك: "وهو يخطب الناس بعرفة"، وللبخاريّ في "الأشربة"، من طريق عبد العزيز بن أبي سلمة، عن أبي النضر: "وهو واقف عشية عرفة"، ولأحمد، والنسائيّ، من طريق عبد الله بن عباس، عن أمه، أم الفضل: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أفطر بعرفة".

و"عَرَفَةُ": بفتحات: موضع وقوف الحجّاج، ممنوعة من الصرف؛ للعلميّة والتانيث، ولا يدخلها الألف واللام، قيل: جمعها عَرَفات، قال الفيّوميّ رحمه الله: و"عَرَفاتُ": موضع وقوف الْحَجِيج، ويقال: بينها وبين مكة نحو تسعة أميال، وُيعْرَب إعراب مسلماتٍ، ومؤمناتٍ، والتنوين يشبه تنوين المقابلة، كما في باب مسلمات، وليس بتنوين صرف؛ لوجود مقتضى المنع من الصرف، وهو العلمية والتأنيث، ولهذا لا يدخلها الألف واللام، وبعضهم يقول: "عرفةُ" هي الجبل، و"عرفاتُ" جمع: عرفة؛ تقديرًا؛ لأنه يقال: وقفت بعرفة، كما يقال: بعرفات، وعَرَّفوا تعريفاً وقفوا بعرفاتٍ، كما يقال: عَيَّدُوا: إذا حضروا العيد، وجَمَّعُوا: إذا حضروا الجمعة. انتهى (١).

وقال في "القاموس": و"عَرَفاتُ": موقف الحاج في اليوم التاسع من ذي الحجة، على اثني عشر ميلًا من مكة، وغَلِطَ الجوهريّ، فقال: موضع بمنى، سُمِّيت؛ لأن آدم وحواء تعارفا بها، أو لقول جبريل لإبراهيم عليه السلام لَمّا عَلَّمَه المناسك: أعرفت؟ قال: عرفتُ، أو لأنها مُقَدَّسة معظّمة، كأنها عُرِّفَت؛ أي طُيِّبَتْ، وهو اسم في لفظ الجمع، فلا يُجْمَعُ، معرفة، وإن كان جمعًا؛ لأن الأماكن لا تزول، فصارت كالشيء الواحد، مصروفةٌ؛ لأن التاء بمنزلة الياء والواو في مسلمين ومسلمون. انتهى (٢).

(فَشَرِبَهُ) أي شرب النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ذلك اللبن.

قال أبو عمر بن عبد البرّ رحمه الله: مَحْمِل هذا الحديث عندنا أنه كان بعرفة، وقد رُوي ذلك منصوصاً، وإذا كان بعرفة فالفطر أفضل تاسيًا برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقوّةً على الدعاء، وقد قال -صلى الله عليه وسلم- "أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة"، ونَهَى عن


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٤٠٤ - ٤٠٥.
(٢) "القاموس المحيط" ٣/ ١٧٣.