(يَصُومُونَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَسُئِلُوا عَنْ ذَلِكَ) وفي نسخة: "فسئلوا عن ذلك اليوم"، وفي الرواية التالية:"فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما هذا اليوم الذي تصومونه؟ "، وفي رواية البخاريّ:"فقال: ما هذا؟ "، (فَقَالُوا: هَذَا الْيَوْمُ) قال في "الفتح": الإشارة إلى نوع اليوم، لا إلى شخصه، ومثله قوله تعالى:{وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ}[الأعراف: ١٩] فيما ذكره الفخر الرازيّ في "تفسيره". انتهى (١).
(الَّذِي أَظْهَرَ اللهُ فِيهِ مُوسَى) أي جعله في ذلك اليوم غالبًا، يقال: ظهر على عدوّه: إذا غلبه (وَبَني إِسْرَائِيلَ عَلَى فِرْعَوْنَ) وفي الرواية التالية: "فقالوا: هذا يوم عظيم، أنجى الله فيه موسى وقومه، وغرّق فرعون وقومه، فصامه موسى شُكرًا، فنحن نصومه"، وفي رواية البخاريّ:"قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجّى الله بني إسرائيل من عدوّهم، فصامه موسى"، وعند أحمد من طريق شُبيل بن عوف، عن أبي هريرة: نحوه، وزاد فيه:"وهو اليوم الذي استَوَت فيه السفينة على الْجُوديّ، فصامه نوح شكرًا". (فَنَحْنُ نَصُومُهُ تَعْظِيمًا لَهْ) أي لذلك اليوم؛ لكونه يومًا حصل فيه خير عظيم (فَقَالَ النَبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "نَحْنُ أَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ") وفي رواية للبخاريّ: "فقال لأصحابه: أنتم أحقّ بموسى منهم، فصوموا"، والمعنى: نحن أحق بمتابعة موسى عليه السلام منكم؛ لأنا موافقون له في أصول الدين، ومصدّقون لكتابه، وأما أنتم فمخالفون لهما بالتغيير والتحريف، قال السنديّ رحمه الله: قوله: "أحقّ بموسى منكم" يدلّ على أنه - صلى الله عليه وسلم - قَصَدَ موافقة موسى عليه السلام؛ لقوله عزو جل:{فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}[الأنعام: ٩٠]، لا موافقة اليهود حتى يقال: اللائق مخالفتهم، وكأنه لهذا عَزَمَ في آخر الأمر على ضمّ اليوم التاسع إلى عاشوراء تحقيقًا للمخالفة. انتهى.
وقال الطيبيّ رحمه الله: وافقهم في صوم يوم عاشوراء مع أن مخالفتهم مطلوبة، والجواب عنه أن المخالفة مطلوبة فيما أخطأوا فيه كما في يوم السبت، لا في كلّ أمر.
وقال القاري رحمه الله: الأظهر في الجواب أنه - صلى الله عليه وسلم - أول الهجرة لم يكن