(ومنها): أن فيه ابن عباس - رضي الله عنهما - من العبادلة الأربعة، والمكثرين السبعة، روى (١٦٩٦) حديثًا، والله تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَنْ عُبَيْدِ اللهِ) بن أبي يزيد، وفي رواية أحمد عن ابن عيينة، قال: أخبرني عبيد الله بن أبي يزيد منذ سبعين سنة، أنه (سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما -، وَسُئِلَ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ) جملة في محل نصب على الحال من المفعول، والسائل يَحْتَمل أن يكون هو الحكم بن الأعرج، كما سيأتي ذلك في الباب التالي، ويَحْتَمِل أن يكون غيره (قَالَ) ابن عبّاس - رضي الله عنهما - (مَا عَلِمْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، صَامَ يَوْمًا يَطْلُبُ) ولفظ النسائيّ: "يَتَحَرَّى" أي يقصده، ويعتقدُ (فَضْلَه عَلَى الأَيَّامِ) هذا يقتضي أن يوم عاشوراء أفضل الأيام للصائم بعد رمضان، لكن ابن عباس - رضي الله عنهما - أسند ذلك إلى علمه، فليس فيه ما يردّ عِلْمَ غيره، فقد روى مسلم من حديث أبي قتادة - رضي الله عنه -، مرفوعًا:"إن صوم عاشوراء يكفّر سنة، وإن صوم يوم عرفة يكفر سنتين لا، وظاهره أن صيام يوم عرفة أفضل من صيام يوم عاشوراء.
وقد قيل في الحكمة في ذلك: إن يوم عاشوراء منسوب إلى موسى عليه السلام، ويوم عرفة منسوب إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فلذلك كان أفضل. قاله في "الفتح" (١). (إِلَّا هَذَا الْيَوْمَ) أي يوم عاشوراء (وَلَا شَهْرًا إِلَّا هَذَا الشَّهْرَ، يَعْنِي رَمَضَانَ) ولفظ البخاريّ: "ما رأيت النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يتحرّى صيام يوم فضّله على غيره إلا هذا اليوم، يوم عاشوراء، وهذا الشهر -يعني شهر رمضان-".
قال في "الفتح": كذا ثبت في جميع الروايات، وكذا هو عند مسلم وغيره، وكأن ابن عباس اقتصر على قوله: "وهذا الشهر" وأشار بذلك إلى شيء مذكور، كأنه تقدم ذكر رمضان، وذكر عاشوراء، أو كانت المقابلة في أحد الزمانين، وذكر الآخر، فلهذا قال الراوي عنه: "يعني رمضان"، أو أخذه الراوي من جهة الحصر في أن لا شهر يُصام إلا رمضان؛ لما تقدّم له عن ابن