وذكر أبو منصور الْجَوَاليقيّ أنه لم يُسمع فاعولاء إلا هذا، وضاروراء، وساروراء، ودالولاء، من الضارّ، والسارّ، والدالّ، وعلى هذا فيوم عاشوراء هو العاشر، وهذا قول الخليل وغيره.
وقال الزين ابن الْمُنَيّر رحمه الله: الأكثر على أن عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر الله المحرّم، وهو مقتضى الاشتقاق والتسمية.
وقيل: هو اليوم التاسع، فعلى الأول فاليوم مضاف لليلة الماضية، وعلى الثاني هو مضاف لليلته الآتية، وقيل: إنما سُمّي يوم التاسع عاشوراء أخذًا من إيراد الإبل، كانوا إذا رعوا الإبل ثمانية أيام، ثم أوردوها في التاسع قالوا: وردنا عِشْرًا -بكسر العين- وكذلك إلى الثلاثة.
وظاهر حديث ابن عبّاس - رضي الله عنهما - المذكور أن عاشوراء هو اليوم التاسع، وقال النوويّ رحمه الله: هذا تصريح من ابن عباس - رضي الله عنهما - بأن مذهبه أن عاشوراء هو اليوم التاسع من المحرَّم، ويتأوله على أنه مأخوذ من إظماء الإبل، فإن العرب تسمي اليوم الخامس من أيام الوِرْد رِبْعًا (١)، وكذا باقي الأيام على هذه النسبة، فيكون التاسع عِشرًا.
وذهب جماهير العلماء من السلف والخلف إلى أن عاشوراء هو اليوم العاشر من المحرم، وممن قال ذلك سعيد بن المسيِّب، والحسن البصريّ، ومالك، وأحمد، وإسحاق، وخلائق، وهذا ظاهر الأحاديث، ومقتضى اللفظ، وأما تقدير أخذه من الإظماء فبعيد، ثم إن حديث ابن عباس الثاني يَرُدّ عليه؛ لأنه قال: إن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان يصوم عاشوراء، فذكروا أن اليهود والنصارى تصومه، فقال: إنه في العام المقبل يصوم التاسع، وهذا تصريح بأن الذي كان يصومه ليس هو التاسع، فتعيّن كونه العاشر.
قال الشافعيّ، وأصحابه، وأحمد، وإسحاق، وآخرون: يُستحبّ صوم التاسع والعاشر جميعًا؛ لأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - صام العاشر، ونوى صيام التاسع، وقد
(١) الرِّبْع بالكسر: هي التي تَعْرِضُ يومًا، وتُقلِع يومين، ثم تأتي في الرابع، وهكذا، يقال: أربعتِ الْحُمّى عليه بالألف، وفي لغة: رَبَعَت رَبْعًا، من باب نفع. انتهى. "المصباح" ١/ ٢١٧.