للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

عن إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ (أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا غَطَفَانَ) - بفتح الغين المعجمة، ثم الطاء المهملة، بعدها فاء - (ابْنَ طَرِيفٍ) - بفتح الطاء المهملة، وكسر الراء، بوزن عظيم - (الْمُرِّيَّ) - بضمّ الميم، وتشديد الراء-: نسبة إلى مرّة قبيلة (يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - يَقُولُ: حِينَ صَامَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ عَاشُورَاء، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ) أي أمر الناس بصيام يوم عاشوراء (قَالُوا) لم يُسمّ القائل (يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى) استُشكل هذا بأن التعليل بنجاة موسى، وغَرَق فرعون يَختص بموسى واليهود، فكيف ذُكرت النصارى؟.

وأجيب باحتمال أن يكون عيسى عليه السلام كان يصومه، وهو مما لم يُنسَخ من شريعة موسى عليه السلام؛ لأن كثيرًا منها ما نُسخ بشريعة عيسى؛ لقوله تعالى: {وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ} الآية [آل عمران: ٥٠]، ويقال: إن أكثر الأحكام الفرعية إنما تتلقاها النصارى من التوراة، وقد أخرج أحمد من وجه آخر، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - زيادة في سبب صيام اليهود له، وحاصلها أن السفينة استوت على الجوديّ فيه، فصامه نوح وموسى شكرًا، وكأن ذكر موسى دون غيره هنا؛ لمشاركته لنوح في النجاة، وغرق أعدائهما، أفاده في "الفتح" (١).

(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ) "كان" هنا تامّة؛ أي جاء، وَيحْتَمِل أن تكون ناقصة، وخبرها محذوف؛ أي آتيًا، وقوله: (إِنْ شَاءَ اللهُ) ذكره للتبرّك؛ امتثالًا لقوله عز وجل: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ} [الكهف: ٢٣، ٢٤] (صُمْنَا الْيَوْمَ التاسِعَ") أي مع العاشر، وهذا هو الظاهر، وقيل: يَحْتمل أن يكون المراد تعويضه به، والأول أظهر، والله تعالى أعلم (قَالَ) ابن عبّاس - رضي الله عنهما - (فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) فثبتت سنّيّته بعزمه - صلى الله عليه وسلم - على صومه.

وقال المظهر رحمه الله: لم يعش النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى القابل، بل توفّي في الثاني عشر من ربيع الأول، فصار اليوم التاسع من المحرّم صومه سنّةً، وإن لم يصمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه عَزَم على صومه.


(١) "الفتح" ٥/ ٤٤٠.