للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال التوربشتيّ رحمه الله: قيل: أراد بذلك أن يضمّ إليه يومًا آخر؛ ليكون هديه مخالفًا لهدي أهل الكتاب، وهذا هو الوجه؛ لأنه وقع جوابًا لقولهم: "إنه يوم تعظّمه اليهود". انتهى.

وقال القرطبيّ رحمه الله: قول الصحابة - رضي الله عنهم - للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إن يوم عاشوراء يوم تعظّمه اليهود … " كان هذا القول من النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بعد أن تمادى على صومه عشر سنين أو نحوها، بدليل أن أمره بصومه إنما كان حين قَدِم المدينة، وهذا القول الآخَرُ كان في السَّنة التي تُوُفّي فيها، في يوم عاشوراء من محرّم تلك السنة، وتوفي هو - صلى الله عليه وسلم - في شهر ربيع الأول منها، لم يُخْتَلف في ذلك؛ وإن كانوا اختلفوا في أي يوم منه، وأصح الأقوال: في الثاني عشر منه، والله تعالى أعلم. انتهى.

قال: وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإذا كان العام المقبل صمنا اليوم التاسع"؛ إنما قال هذا؛ لحصول فائدة الاستئلاف المتقدم، وكانت فائدئه: إصغاءهم لما جاء به حتى يتبين لهم الرشد من الغيّ، فيحيا مَن حَيّ عن بينة، ويهلك من هلك عن بينة، ولما ظهر عنادهم كان يجب مخالفتهم -أعني: أهل الكتاب- فيما لم يؤمر به، وبهذا النظر، وبالذي تقدَّم يرتفع التعارض المتوهم في كونه - صلى الله عليه وسلم - كان يحب موافقة أهل الكتاب، وكان يحب مخالفتهم. وأن ذلك في وقتين وحالتين، لكن الذي استقر حاله عليه: أنه كان يحب مخالفتهم؛ إذ قد وضح الحق، وظهر الأمر ولو كره الكافرون. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث ابن عبّاس - رضي الله عنهما - هذا من أفراد المصنّف رحمه الله.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٢٢٢٢١/ ٢٦٦٦ و ٢٦٦٧] (١١٣٤)، و (أبو داود) في "الصوم" (٢٤٤٥)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (٢/ ٢٤١)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (٣/ ٢١٤)، و (الطبريّ) في "تهذيب الآثار" (١/ ٣٨٤)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (٤/ ٢٨٧) و"الصغرى" (٣/ ٤١٦)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.