للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رمضان وغيره من الفرض يجوز نيّته في النهار، ولا يشترط تبييتها، قال: لأنهم نووا في النهار، وأجزأهم.

وقال الجمهور: لا يجوز رمضان، ولا غيره من الصوم الواجب إلا بنيّة من الليل، وأجابوا عن هذا الحديث بأن المراد إمساك بقية النهار، لا حقيقة الصوم، والدليل على هذا أنهم أكلوا، ثم أمروا بالإتمام، وقد وافق أبو حنيفة وغيره على أن شرط إجزاء النية في النهار في الفرض والنفل أن لا يتقدمها مفسد للصوم من أكل أو غيره.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الجواب فيه نظر لا يخفى؛ إذ هو مخالف لظاهر النصّ، فالنبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "فليتمّ صيامه إلى الليل"، فيُثبِت كونه صومًا صحيحًا، بنصه الصريح، وهو إنما بُعِث لتبيين الحقائق الشرعيّة، وهم يقولون: ليس صومًا صحيحًا، إن هذا لشيءٌ عُجاب.

والحاصل أن الصواب أن هذا الصوم صحيح، وجاز بنيّة من النهار للعذر بالجهل به، كما تقدّم، والله تعالى أعلم.

قال: وجواب آخر أن صوم عاشوراء لم يكن واجبًا عند الجمهور، وإنما كان سنة متأكدة.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد قدّمنا أن الصحيح كون صوم عاشوراء واجبًا، ثم نُسِخ، لظواهر النصوص، والله تعالى أعلم.

قال: وجواب ثالث أنه ليس فيه أنه يجزيهم، ولا يقضونه، بل لعلهم قضوه، وقد جاء في سنن أبي داود في هذا الحديث: "فأتموا بقية يومكم، واقضوه" (١). انتهى كلام النوويّ.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قوله: "لعلهم قضوه" غير صحيح، فمن


(١) هو ما أخرجه أبو داود في "سننه" من طريق قتادة، عن عبد الرحمن بن سلمة، عن عمّه: أن أسلم أتت النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "صُمتم يومكم هذا؟ " قالوا: لا، قال "فأتمّوا بقيّة يومكم، واقضوه"، وهو ضعيف؛ لأن في سنده عبد الرحمن بن سلمة لم يرو عنه إلا قتادة، قال ابن القظان: مجهول الحال، وقال الذهبيّ: لا يُعرَف، وقال في "التقريب": مقبول؛ أي حيث يتابَع، ولم يُتابَع هنا.