أين هذا الظنّ؟، والزيادة التي ذكرها من "سنن أبي داود" غير صحيحة.
والحاصل أن صوم من لم يعلم بكون اليوم من رمضان، ثم تبيّن له في أثناء النهار أنه منه، فليتم يومه صائمًا سواء تقدم له أكل ونحوه، أو لم يتقدم، فيكون صومه صحيحًا مجزئًا عن فرضه؛ لحديث الباب وغيره، فيكون كمن أكل، أو شرب ناسيًا، فإن صومه صحيح تامّ بلا خلاف. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث سلمة - رضي الله عنه - هذا مُتَّفق عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٢٣/ ٢٦٦٨](١١٣٥)، و (البخاريّ) في "الصوم"(١٩٢٤ و ٢٠٠٧) وفي "أخبار الآحاد"(٧٢٦٥)، و (النسائيّ) في "الصيام"(٢٣٢١) و" الكبرى"(٢٦٣٠)، و (أحمد) في "مسنده"(٤/ ٤٧ و ٤٨ و ٥٠)، و (ابن خزيمة) في "صحيحه"(٢٠٩٢)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(٣/ ٢١٥)(الدارميّ) في "سننه"(١٧٦١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الثالثة): في اختلاف أهل العلم في وجوب تبييت النيّة من الليل في الصوم:
قال القرطبيّ رحمه الله: ظاهر حديث سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - هذا جواز إحداث نية الصوم في أضعاف النهار، ولا يلزم التبييت، وقد اختُلِف في ذلك: فذهب أبو حنيفة، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور إلى جواز ذلك في النفل، وخصَّت طائفة منهم جواز ذلك بما قبل الزوال؛ منهم: الشافعيّ في أحد قوليه، وذهب مالك، وابن أبي ذئب، والليث، والمزني: إلى أنه لا يصح صوم إلا بنيّة من الليل. وذهب الكوفيون: إلى أن كل ما فرض من الصوم في وقت معين؛ فإنه لا يحتاج إلى تبييت نية، ويجزئه إذا نواه قبل الزوال. وهو قول الأوزاعي، وإليه ذهب عبد الملك ابن الماجشون، ورواه عن مالك فيمن لم يعلم برمضان إلا في يومه. وذهب مالك في المشهور عنه، والشافعي،