للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كالصلاة، وعند إسحاق حدُّه اثنتا عشرة سنةً، وعند أحمد في رواية: عشر سنين، وقال الأوزاعيّ: إذا أطاق صوم ثلاثة أيام تباعًا لا يَضْعُف فيهنّ حُمِل على الصوم، والمشهور عند المالكية أنه لا يُشْرَع في حق الصبيان.

وقال ابن بطّال: أجمع العلماء أنه لا تلزم العبادات والفرائض، إلَّا عند البلوغ، إلَّا أن أكثر العلماء استحسنوا تدريب الصبيان على العبادات؛ رجاء البركة، وأنهم يعتادونها، فتَسْهُل عليهم؛ إذا لَزِمتهم، وأن من فعل ذلك بهم مأجور.

وقال في "الأشراف": اختلفوا في الوقت الذي يؤمر فيه الصبيّ بالصيام، فكان ابن سيرين، والحسن، والزهريّ، وعطاء، وعروة، وقتادة، والشافعيّ يقولون: يؤمر به إذا أطاقه، ونُقِل عن الأوزاعيّ مثل ما ذكرنا الآن، واحتَجَّ بحديث ابن أبي لبيبة، عن أبيه، عن جدّه، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا صام الغلام ثلاثة أيام متتابعة، فقد وجب عليه صيام رمضان".

وقال ابن الماجشون: إذا طاقوا الصيام أُلْزِموه، فإذا أفطروا بغير عذر ولا علة، فعليهم القضاء.

وقال أشهب: يستحب لهم إذا أطاقوه، وقال عروة: إذا أطاقوا الصوم وجب عليهم، قال عياض: وهذا غلط، يردّه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "رُفِع القلم عن ثلاثة … " (١)، فذكر الصبيّ حتى يحتلم، وفي رواية: "حتى يبلغ"، ذكره في "العمدة" (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: الأرجح ما ذهب إليه الجمهور من أنه لا يجب على الصبيّ شيء من العبادات حتى يبلغ، وأما ما ذُكر في الباب من حديث الربَيِّع - رضي الله عنهما - فللتمرين، ودليل الجمهور حديث: "رُفِع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل"، وهو حديث صحيح أخرجه أبو داود وغيره، بإسناد صحيح، فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.


(١) حديث صحيح.
(٢) "عمدة القاري" ١١/ ٦٩ - ٧٠.