للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لجاز بعده - صلى الله عليه وسلم -؛ لارتفاع السبب، لكن المهلَّب حمله على ذلك اعتقاده عدم الكراهة على ظاهر مذهبه.

[سادسها]: مخالفة النصارى؛ لأنه يجب عليهم صومه، ونحن مأمورون بمخالفتهم، نقله القَمُّوليّ، وهو ضعيف.

قال الحافظ رحمه الله -بعد ذكر هذه الأقول-: وأقوى الأقوال، وأولاها بالصواب أَوّلها، وورد فيه صريحًا حديثان:

أحدهما: رواه الحاكم وغيره، من طريق عامر بن لدين، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، مرفوعًا: "يومُ الجمعة يوم عيد، فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم، إلا أن تصوموا قبله أو بعده" (١).

والثاني: رواه ابن أبي شيبة بإسناد حسن، عن عليّ - رضي الله عنه - قال: "من كان منكم متطوعًا من الشهر، فليصم يوم الخميس، ولا يصم يوم الجمعة، فإنه يوم طعام، وشراب، وذِكْرٍ". انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي رجّحه الحافظ رحمه الله في سبب النهي هو الأظهر عندي، وحاصله أنه إنما نُهي عن إفراد يوم الجمعة بالصوم لكونه عيدًا، والعيد لا يُصام، وأما حديث أبي هريرة المذكور، فإنه ضعيف؛ للجهالة في سنده، كما تعقّب الذهبيّ الحاكم به.

وأما استشكال صومه مع يوم قبله، أو بعده فقد سبق الجواب عنه في قول ابن القيّم وغيره، فتنبّه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السادسة): في بيان ما ورد من الأحاديث في صوم يوم السبت:

(اعلم): أنه وردت أحاديث في النهي عن صوم يوم السبت، ووردت أحاديث في إباحة صومه:

فمن الأول: ما رَوَى الإمام أحمد، وأبو داود عن عبد الله بن بُسْر


(١) أخرجه الحاكم في "المستدرك" ١/ ٦٠٣ وهو ضعيف؛ لأن فيه مجهولًا، كما قاله الذهبيّ رحمه الله.
(٢) "الفتح" ٥/ ٤٢٠ - ٤٢١.