للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صومه إنما هو إفراده، وعلى ذلك ترجم أبو داود فقال: "باب النهي أن يُخَصّ يوم السبت بالصوم"، وحديث صيامه إنما هو مع يوم الأحد، قالوا: ونظير هذا أنه نهي عن إفراد يوم الجمعة بالصوم، إلا أن يصوم يومًا قبله، أو يومًا بعده، قال ابن القيّم رحمه الله: وبهذا يزول الإشكال الذي ظنه من قال: إن صومه نوع تعظيم له فهو موافقة لأهل الكتاب في تعظيمه، وإن تضمن مخالفتهم في صومه، فإن التعظيم إنما يكون إذا أفرد بالصوم، ولا ريب أن الحديث لم يجئ بإفراده، وأما إذا صامه مع غيره لم يكن فيه تعظيم. انتهى (١).

وقال الطحاويّ رحمه الله في "شرح معاني الآثار": ولقد أنكر الزهريّ حديث الصماء في كراهة صوم يوم السبت، ولم يعدّه من حديث أهل العلم بعد معرفته به، ثم أخرج بسنده عن الليث بن سعد قال: سئل الزهريّ عن صوم يوم السبت، فقال: لا بأس به، فقيل له: فقد روي عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في كراهته، فقال: ذلك حديث حمصيّ، فلم يعدّه الزهريّ حديثًا يقال به، وضَعّفَه (٢).

وقال الحافظ في "التلخيص الحبير": حديث: "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افتُرِض عليكم"، رواه أحمد، وأصحاب السنن، وابن حبان، والحاكم، والطبرانيّ، والبيهقيّ، من حديث عبد الله بن بُسر، عن أخته الصماء، وصححه ابن السكن، ورَوَى الحاكم عن الزهريّ أنه كان إذا ذُكِر له الحديث قال: هذا حديثٌ حمصيّ، وعن الأوزاعيّ قال: ما زلت له كاتِمًا حتى رأيته قد اشتهر، وقال أبو داود في "السنن": قال مالك: هذا الحديث كَذِبٌ، قال الحاكم: وله معارض بإسناد صحيح، ثم رَوَى حديث كريب المتقدّم، قال: ورواه النسائيّ، والبيهقيّ، وابن حبان، وروى الترمذيّ من حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم من الشهر: السبت، والأحد، والاثنين، ومن الشهر الآخر: الثلاثاء، والأربعاء، والخميس (٣).

قال الحافظ رحمه الله: قد أُعِلّ حديث الصماء بالمعارضة المذكورة، وأُعِلّ أيضًا باضطرابه، فقيل هكذا، وقيل: عن عبد الله بن بسر، وليس فيه عن أخته


(١) "زاد المعاد" ٢/ ٧٩ - ٨٠.
(٢) "شرح معاني الآثار" ٢/ ٨١.
(٣) حديث صحيح، أخرجه الترمذيّ (٧٤٦).