وضع الصوم عن المسافر إنما هو على جهة إيجاب قضائه بالإفطار من غير فدية، فوجب أن يكون ذلك حكمَ الحامل والمرضع.
وفيه دلالة على أنه لا فرق بين الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما، أو ولديهما؛ إذ لم يفصّل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بينهما، وأيضًا لما كانت الحامل والمرضع يُرجى لهما القضاء، وإنما أبيح لهما الإفطار للخوف على النفس، أو الولد مع إمكان القضاء وجب أن تكونا كالمريض والمسافر. انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله الجصّاص رحمه الله، حسنٌ جدًّا.
(الثالث): يقضيان، ويُطعمان، وهو المشهور من مذهب الشافعيّ، وهو ثاني أقوال مالك، وإليه ذهب أحمد.
(الرابع): إن الحامل تقضي، ولا تطعم، والمرضع تقضي وتطعم، وبه قال الليث، وهو المشهور من أقوال مالك؛ لأن المرضع يمكن أن تسترضع لولدها بخلاف الحامل، ولأن الحمل متّصل بالحامل، فالخوف عليه كالخوف على بعض أعضائها.
(الخامس): يطعمان، ولا قضاء عليهما، وإن شاءتا قضتا، ولا إطعام. حكاه الترمذيّ عن إسحاق ابن راهويه (١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الذي يترجّح عندي من هذه الأقوال قول من قال: يجب عليهما القضاء، فقط، دون الإطعام؛ لأنهما في حكم المريض، ولم يُجِب الله تعالى الإطعام عليه، فكذلك هما، وأيضًا فقد سوّى النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهما وبين المسافر في وضع الصوم عنهم، ومعلوم أن المسافر يقضي، ولا إطعام عليه، كما تقدّم تقريره في كلام الجصّاص رحمه الله.
والحاصل أن الحامل والمرضع إذا أفطرتا لما ذُكر تقضيان، ولا فدية عليهما، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.