عليهما، وإن شاءتا قضتا، ولا طعام عليهما، وبه يقول إسحاق. انتهى (١).
وقال في "الفتح": اختُلِفَ في الحامل والمرضع، ومن أفطر لكِبَر، ثم قَوِي على القضاء بعدُ، فقال الشافعيّ: يقضون، ويُطعمون، وقال الأوزاعيّ، والكوفيون: لا إطعام. انتهى.
وحكى ابن قُدامة، والزرقانيّ اتفاق العلماء على وجوب القضاء من غير فدية فيما إذا خافت الحامل، والمرضع على أنفسهما، قال ابن قدامة في "المغني"(٣/ ١٣٩): إن الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما، فلهما الفطر، وعليهما القضاء، فحسبُ، لا نعلم فيه بين أهل العلم اختلافًا؛ لأنهما بمنزلة المريض الخائف على نفسه.
وقال الزرقانيّ: إذا خافتا على أنفسهما، فلا فدية باتفاق أهل المذاهب، وهو إجماع؛ إلا عند من أوجب الفدية على المريض. انتهى.
وأما إذا خافتا على ولديهما فقط، وأفطرتا، فاختلفوا فيه على خمسة أقوال:(أحدها): يُطعمان، ولا قضاء عليهما، وهو مرويّ عن ابن عمر، وابن عباس، رواه أبو داود، والبزّار، والدارقطنيّ، والبيهقيّ عن ابن عباس، ومالكٌ، وابنُ أبي حاتم، والدارقطنيّ، والبيهقيّ عن ابن عمر، وهو أحد أقوال مالك.
(الثاني): يقضيان فقط، ولا إطعام عليهما، وبه قال عطاء، والزهريّ، والحسن، وسعيد بن جُبير، والنخعيّ، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأبو حنيفة وأصحابه، والأوزاعيّ، والثوريّ، واستُدلّ لهم بحديث الباب.
قال الجصّاص: ووجه الدلالة على هذا إخباره - صلى الله عليه وسلم - بأنّ وضعَ الصوم عن الحامل والمرضع هو كوضعه عن المسافر، ألا ترى أن وضع الصوم الذي جَعَلَه من حكم المسافر هو بعينه جَعَلَه من حكم الحامل والمرضع؛ لأنه عطفهما عليه من غير استثناء ذكر شيء غيره، فثبت بذلك أن حكم وضع الصوم عن الحامل والمرضع هو حكم وضعه عن المسافر، لا فرق بينهما، ومعلوم أن
(١) انظر: الجامع ٣/ ٤٠٢ - ٤٠٣. بنسخة تحفة الأحوذيّ.