للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لما هوأعمّ منها، قاله في "الفتح"، وقوله: (وَلَا يَجْهَلْ) أعمّ من "لا يرفُث": أي لا يفعل شيئًا من أفعال أهل الجهل، كالصياح، والسَّفَه، ونحو ذلك، ولسعيد بن منصور من طريق سُهيل بن أبي صالح، عن أبيه: "فلا يرفث، ولا يُجادل"، قال القرطبيّ: لا يُفهَم من هذا أن غير يوم الصوم يباح فيه ما ذُكر، وإنما المراد أن المنع من ذلك يتأكّد بالصوم. انتهى.

(فَإِن امْرُؤٌ شَاتَمَهُ، أَوْ قَاتَلَهُ) وفي رواية للبخاريّ: "فإن سابّه أحدٌ، أو قاتله"، وفي رواية له: "وإن امرؤ قاتله، أو شاتمه … "، وفي رواية أبي قرّة: "وإن شتمه إنسان، فلا يكلّمه"، ونحوه في رواية عند أحمد، ولسعيد بن منصور: "فإن سابّه أحد، أو ماراه"؛ أي جادله، ولابن خزيمة: "لا تُسابّ، وأنت صائم، فإن سبّك أحد، فقل: إني صائم، وإن كنت قائمًا فاجلس" (١)، وللنسائيّ من حديث عائشة - رضي الله عنها -: "وإن امرؤ جَهِل عليه، فلا يشتمه، ولا يسبّه" (فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ، إِنِّي صَائِمٌ") قال النوويّ رحمه الله: هكذا هو مرتين، واختلفوا في معناه، فقيل: يقوله بلسانه جهرًا، يسمعه الشاتمَ، والمقاتلَ، فينزجر غالبًا، وقيل: لا يقوله بلسانه، بل يُحَدِّث به نفسه؛ ليمنعها من مشاتمته، ومقاتلته، ومقابلته، ويَصون صومه عن المكدرات، ولو جمع بين الأمرين كان حسنًا، انتهى.

وقال السنديّ رحمه الله: أي فليعتذر عنده من عدم المقابلة بأن حاله لا يساعد المقابلة بمثله، أو فليذكُر في نفسه أنه صائم؛ ليمنعه ذلك عن المقابلة بمثله، قاله السنديّ (٢).

وقال في "الفتح": واتفقت الروايات على أنه يقول: "إني صائم"، فمنهم من ذكرها مرتين، ومنهم من اقتصر على واحدة.

وقد استشكِل ظاهره بأن المفاعلة تقتضي وقوع الفعل من الجانبين،


(١) إسناده صحيح. وعجلان المدنيّ مولى المشمعلّ -بضمّ الميم، وسكون المعجمة، وفتح الميم، وكسر المهملة، وتشديد اللام- لا بأس به، من الرابعة. أفاده في "ت".
(٢) "شرح السنديّ" ٤/ ١٦٤.