للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أفرط؟، بل هذا هو الإفراط نفسه، فما قاله ابن حزم هو الظاهر، وقد تقدّم قريبًا النقل عن عائشة، والأوزاعيّ أن الغيبة تفطر الصائم، فَلِمَ لم يعترض عليهما؟، مع أن الجمهور لا يرون ذلك أيضًا.

والحاصل أن مذهب الجمهور هو الذي يحتاج إلى دليل، فتأمل بالإنصاف، والله تعالى أعلم بالصواب.

وأشار ابن عبد البرّ إلى ترجيح الصيام على غيره من العبادات، فقال: حسبك بكون الصوم جُنّة من النار فضلًا، وقد أخرج النسائيّ بسند صحيح عن أبي أمامة - رضي الله عنه -، قال: قلت: يا رسول الله مُرْني بأمر آخذه عنك، قال: "عليك بالصوم، فإنه لا مثل له"، وفي لفظ: "لا عدل له"، والمشهور عند الجمهور ترجيح الصلاة (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ما ذهب إليه الجمهور يؤيّده ما أخرجه أحمد، وابن ماجه، والدارميّ بأسانيد صحيحة، عن ثوبان - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "استقيموا، ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن"، والله تعالى أعلم.

(فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ) "كان" هنا تامّة، و"يومُ" مرفوع على الفاعليّة، وَيحْتَمِل أن تكون ناقصة، واسمها "الوقت" مقدّرًا، و"يوم" بالنصب خبرها.

(فَلَا يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ) بضم الفاء، وكسرها، ويجوز في ماضيه التثليث، والمراد بالرفث هنا: الكلام الفاحش، وقد تقدّم البحث فيه قريبًا.

(وَلَا يَسْخَبْ) قال النوويّ رحمه الله: هكذا هو هنا بالسين، ويقال: بالسين والصاد، وهو الصياح، وهو بمعنى الرواية الأخرى: "ولا يجهل، ولا يرفُث"، قال القاضي: ورواه الطبريّ: "ولا يسخر" بالراء، قال: ومعناه صحيح؛ لأن السخرية تكون بالقول والفعل، وكله من الجهل، قال النوويّ: وهذه الرواية تصحيف، وإن كان لها معنى. - انتهى.


(١) انظر: "الفتح" ٤/ ٥٩٤ - ٥٩٥.