للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

القابسيّ الوجهين، وصوّب الضمّ، وبالغ النوويّ في "شرح المهذّب"، فقال: لا يجوز فتح الخاء، واحتجَّ غيره لذلك بأنّ المصادر التي جاءت على فَعُول بفتح أوله قليلة، ذكرها سيبويه وغيره، وليس هذا منها. واتفقوا على أن المراد به تغيّر رائحة فم الصائم بسبب الصيام. كذا في "الفتح".

وقال الباجيّ: الخلوف تغيّر رائحة فم الصائم، وإنما يَحدُث من خُلُوّ المعدة بترك الأكل، ولا يذهب بالسواك؛ لأنها رائحة النفَس الخارج من المعدة، وإنما يذهب بالسواك ما كان في الأسنان من التغيّر.

وقال البَرْقيّ: هو تغيّر طعم الفم، وريحه لتأخّر الطعام. وقال عياض: هو ما يخلف بعد الطعام في الفم من رائحة كريهة؛ لخلوّ المعدة من الطعام (١).

[تنبيه]: "الخلوف" بالضبط المذكور هو المشهور في الرواية، ووقع عند البخاريّ في رواية الكشميهنيّ: "لَخُلُف" بحذف الواو، قال العينيّ: والظاهر أنه جمع خِلْفَة -بالكسر-، وقال ابن الأثير: الخِلْفة -بالكسر- تغيّر ريح الفم، وأصلها في النبات أن ينبت الشيء بعد الشيء؛ لأنها رائحة بعد الرائحة الأولى، وروي في غير البخاريّ بهذه اللفظة، أعني "خِلْفَة". انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذه الرواية تقدّمت قبل حديث، والله تعالى أعلم.

[فائدة]: قوله: "فم الصائم" فيه ردّ على أبي عليّ الفارسيّ في قوله: إن ثبوت الميم في "الفم" خاصّ بضرورة الشعر (٣)، فقد ثبت في هذا الحديث في الاختيار، وأما في الشعر فقد ثبت في قوله [من الرجز]:

كَالْحُوتِ لَا يُلْهِيهِ شَيْءٌ يَلْقَمُهُ … يُصْبِحُ ظَمْآنَ وَفِي الْبَحْرِ فَمُهْ

(أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ) وفي الرواية السابقة: "لخِلفة فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك"، وقد تقدّم أن "الْخِلَفة" بكسر الخاء، وضبطها النوويّ بضمّها، وهي بمعنى الْخُلُوف.


(١) راجع: "المرعاة" ٦/ ٤٠٨ - ٤٠٩.
(٢) راجع: "عمدة القاري" ٩/ ٢٩.
(٣) راجع: "طرح التثريب" ٤/ ٩٥.