عن أبي هريرة -رضي الله عنه- رفعه:"كلّ العمل كفارة إلا الصوم، الصوم لي، وأنا أجزي به".
وكذا رواه أبو داود الطيالسيّ في "مسنده"، عن شعبة، عن محمد بن زياد، ولفظه:"قال ربّكم تبارك وتعالى: كلّ العمل كفّارة إلا الصوم".
ورواه قاسم بن أصبغ من طريق أخرى، عن شعبة بلفظ:"كلّ ما يعمله ابن آدم كفّارة له إلا الصوم".
وقد أخرجه البخاريّ في "التوحيد" عن آدم، عن شعبة بلفظ:"يرويه عن ربكم، قال: لكلّ عمل كفّارة، والصوم لي، وأنا أجزي به"، فحذف الاستثناء.
وكذا رواه أحمد عن غندر، عن شعبة، لكن قال:"كلّ العمل كفّارة"، وهذا يخالف رواية آدم؛ لأن معناه أن لكلّ عمل من المعاصي كفّارة من الطاعات، ومعنى رواية غندر: كلّ عمل من الطاعات كفّارة للمعاصي. وقد بيَّن الإسماعيليّ الاختلاف فيه في ذلك على شعبة. وأخرجه من طريق غندر بذكر الاستثناء، فاختلف فيه أيضًا على غندر، والاستثناء المذكور يشهد لما ذهب إليه ابن عيينة، لكنه وإن كان صحيح السند، فإنه يعارضه حديث حذيفة:"فتنة الرجل في أهله، وماله، وولده يكفّرها الصلاة، والصيام، والصدقة".
(عاشرها): أن الصوم لا يظهر، فتكتبه الحفظة كما تكتب سائر الأعمال، واستند قائله إلى حديث واهٍ جدًّا أورده ابن العربيّ في "المسلسلات"، ولفظه:"قال الله: الإخلاص سرّ من سرّي، استودعته قلب من أُحبّ، لا يطّلع عليه ملك، فيكتبَهُ، ولا شيطان، فيفسدَهُ". ويكفي في ردّ هذا القول الحديثُ الصحيح في كتابة الحسنة لمن همّ بها، وإن لم يعملها.
قال الحافظ: فهذا ما وقفت عليه من الأجوبة، وقد بلغني أن بعض العلماء بلّغها إلى أكثر من هذا، وهو الطالقانيّ في "حظائر القدس" له، ولم أقف عليه (١).
(١) ثم وقف عليه بعدُ، فقال في كتاب "اللباس" رقم (٥٩٢٧) ما نصّه: وقد تقدّم شرح هذا الحديث مستوفى في كتاب "الصوم" مع الإشارة إلى ما بيّنت هنا، وذكرت أقوال العلماء في معنى إضافته عز وجل الصيام إليه بقوله: "فإنه لي"، ونقلت عن=