للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(سابعها): أنه خالص لله، وليس للعبد فيه حظّ. قاله الخطابيّ. هكذا نقله عياض وغيره، فإن أراد بالحظّ ما يحصل من الثناء عليه لأجل العبادة رجع إلى المعنى الأول، وقد أفصح بذلك ابن الجوزيّ، فقال: المعنى ليس لنفس الصائم فيه حظ، بخلاف غيره، فإن له فيه حظًّا لثناء الناس عليه لعبادته.

(ثامنها): سبب الإضافة إلى الله أن الصيام لم يُعبَد به غيرُ الله، بخلاف الصلاة، والصدقة، والطواف، ونحو ذلك.

واعترض على هذا بما يقع من عبّاد النجوم، وأصحاب الهياكل، والاستخدامات، فإنهم يتعبّدون لها بالصيام.

وأجيب بأنهم لا يعتقدون إلهيّة الكواكب، وإنما يعتقدون أنها فعّالة بأنفسها.

قال الحافظ: وهذا الجواب عندي ليس بطائل؛ لأنهم طائفتان: إحداهما كانت تعتقد إلهيّة الكواكب، وهم من كان قبل ظهور الإسلام، واستمرّ منهم من استمرّ على كفره. والأخرى من دخل منهم في الإسلام، واستمرّ على تعظيم الكواكب، وهم الذين أشير إليهم.

(تاسعها): أن جميع العبادات تُوَفَّى منها مظالم العباد إلا الصيام، روى البيهقيّ من طريق إسحادتى بن أيوب بن حسان الواسطيّ، عن أبيه، عن ابن عيينة، قال: إذا كان يوم القيامة يُحاسب الله عبده، ويؤدي ما عليه من المظالم من عمله حتى لا يبقى له إلا الصوم، فيتحمل الله ما بقي عليه من المظالم، ويدخله بالصوم الجنّة.

قال القرطبيّ: قد كنت استحسنت هذا الجواب إلى أن فكّرت في حديث المقاصّة، فوجدت فيه ذكر الصوم في جملة الأعمال حيث قال: "المفلس الذي يأتي يوم القيامة بصلاة، وصدقة، وصيام، ويأتي وقد شَتَم هذا، وضَرَب هذا، وأَكَل مال هذا … " الحديث، وفيه: "فيؤخذ لهذا من حسناته، ولهذا من حسناته، فماذا فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه، أُخذ من سيّئاتهم، فطُرحت عليه، ثم طُرح في النار"، فظاهره أن الصيام مشترك مع بقيّة الأعمال في ذلك.

قال الحافظ: إن ثبتٌ قول ابن عيينة أمكن تخصيص الصيام من ذلك، فقد يستدلّ له بما رواه أحمد من طريق حماد بن سلمة، عن محمد بن زياد،