للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المقبريّ، كذلك أخرجه النسائيّ من طريق سعيد بن عبد الرحمن، عن سهيل، عن أبيه، وكذا أخرجه أحمد، عن أنس بن عياض، عن سهيل، قاله في "الفتح" (١).

(عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه-) أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (مَا) نافية، وهي تعمل عمل "ليس" عند الحجازيين (٢)، كما قال في "الخلاصة":

إِعْمَالَ "لَيْسَ" أُعْمِلَتْ "مَا" دُونَ "إِنْ" … مَعَ بَقَا النَّفْيِ وَتَرْتِيبٍ زُكِنْ

وَسَبْقَ حَرْفِ جَرٍّ اوْ ظَرْفٍ كـ"مَا … بِي أَنْتَ مَعْنِيًّا" أَجَازَ الْعُلَمَا

(مِنْ) زائدة كما قال في "الخلاصة" أيضًا:

وَزِيدَ فِي نَفْيِ وَشِبْهِهِ فَجَرْ … نَكِرَةً كـ"مَا لِبَاغِ مِنْ مَفَرْ"

وقوله: (عَبْدٍ) اسم "ما" مرفوع بضمّة مقدّرة؛ لاشتغال المحلّ بحركة حرف الجرّ الزائد، وخبرها "إلا باعد الله … إلخ"، وَيحْتَمِل أن تكون "ما" تميميّة، فلا عمل لها، ويكون ما بعدها مبتدأ وخبرًا.

وقوله: (يَصُومُ يَوْمًا) جملة في محلّ النعت لـ"عبد" (فِي سَبِيلِ الله) أي في الجهاد، أو في أعمّ منه، قال في "النهاية": السبيل في الأصل الطريق، ويذكّر ويؤنّث، والتأنيث فيها أغلب، وسبيلُ الله عامّ يقع على كلّ عمل خالص لله، سُلِك به طريقُ التقرّب إلى الله تعالى بأداء الفرائض والنوافل، وأنواع الطاعات، وإذا أطلق فهو في الغالب واقع على الجهاد حتى صار لكثرة الاستعمال، كأنه مقصور عليه. انتهى (٣).

وقال ابن الجوزيّ رحمه الله: إذا أُطلق ذِكر سبيل الله، فالمراد به الجهاد، وقال القرطبيّ رحمه الله: سبيل الله طاعة الله، فالمراد من صام قاصدًا وجه الله،


(١) "الفتح" ٦/ ٤٨ كتاب "الجهاد" رقم (٢٨٤٠).
(٢) [تنبيه]: إعمال "ما" مع انتقاض خبرها بـ "إلا" مذهب بعض النحويين، وذهب إليه ابن مالك في "التسهيل" وغيره، لوروده في قول الشاعر:
وَمَا الدَّهْرُ إِلا مَنْجَنُونًا بِأهْلِهِ … وَمَا صَاحِبُ الْحَاجَاتِ إِلَّا مُعَذَّبَا
وغير ذلك، ومنعه الجمهور، راجع: ما كتبه شرّاح "الخلاصة" في هذا الباب.
(٣) "النهاية" ٢/ ٣٣٨ - ٣٣٩.