للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الحافظ رحمه الله: ويَحْتَمِل أن يكون ما هو أعمّ من ذلك، ثم وجدته في "فوائد أبي الطاهر الذُّهْليّ" من طريق عبد الله بن عبد العزيز الليثيّ، عن المقبريّ، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، بلفظ: "ما من مرابط يُرابط في سبيل الله، فيصوم يومًا في سبيل الله … " الحديث.

وقال ابن دقيق العيد رحمه الله: العرف الأكثر استعماله في الجهاد، فإن حُمِل عليه كانت الفضيلة لاجتماع العبادتين، قال: ويَحْتَمِل أن يراد بسبيل الله طاعته كيف كانت، والأول أقرب.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله ابن دقيق العيد: رحمه الله من ترجيح كون المراد بسبيل الله هو الجهاد هو الظاهر عندي، والله تعالى أعلم.

قال: ولا يعارض ذلك أن الفطر في الجهاد أولى؛ لأن الصائم يَضْعُف عن اللقاء؛ لأن الفضل المذكور محمول على من لم يَخْشَ ضعفًا، ولا سيما من اعتاد به، فصار ذلك من الأمور النسبيّة، فمن لم يضعفه الصوم عن الجهاد، فالصوم في حقّه أفضل؛ ليجمع بين الفضيلتين. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد سبق حكم الصيام في السفر، واختلاف أهل العلم فيه، فراجعه في بابه.

(إِلَّا بَاعَدَ) أي أبعد، فليست المفاعلة مرادةً (اللهُ بِذَلِكَ الْيَوْمِ) أي بسبب صوم ذلك اليوم (وَجْهَه) أي ذاته، وإنما عبّر به؛ لأن الإنسان أول ما يواجه الشيء يكون بوجهه، فإذا أبعد الله وجهه عن مواجهة النار، فبالأحرى إبعاد سائر أجزائه عنها، والله تعالى أعلم

(عَن النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا") قال في "النهاية": أن نحّاه، وباعده عن النار مسافةً تُقطَع في سبعين سنة؛ لأنه كلما مرّ خريف، فقد انقضت سنة.

وقال النوويّ رحمه الله: قوله: "باعد الله وجهه عن النار … إلخ": معناه المباعدة عن النار، والمعافاة منها، والخريف السنة، والمراد سبعين سنةً. انتهى (٢).

وقال التُّوربشتيّ: كانت العرب تؤرّخ أعوامها بالخريف؛ لأنه كان أوان


(١) "الفتح" ٦/ ١٣٣ - ١٣٤.
(٢) "شرح النوويّ" ٨/ ٣٣.