للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لا تبطلوا أعمالكم بارتكاب الكبائر، أو بالكفر والنفاق، أو بالمنّ والأذى، ونحوها، ولو كان المراد بذلك النّهي عن إبطال ما لم يَفْرِضه الله عليه، ولا أوجب على نفسه بنذر وغيره لامتنع عليه الإفطار إلا بما أُبيح الفطر من الصوم الواجب، وهم لا يقولون بذلك، والله أعلم. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن بما سبق من بيان مذاهب العلماء، وأدئتهم أن الأرجح هو ما ذهب إليه القائلون بجواز الفطر للمتطوّع دون إيجاب القضاء عليه؛ لقوّة أدلّته.

والحاصل أنه يجوز للصائم المتطوّع الفطر مطلقًا، ولا قضاء عليه إلا أن يشاء؛ إذ لم يصحّ دليل على وجوبه، وقد عرفت ضعف الأحاديث التي احتجّ بها الموجبون، وعلى تقدير صحتها، يحمل الأمر فيها بالقضاء على الندب؛ جمعًا بين الأدلة، فتبصّر بالإنصاف، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

وبالسند المتصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله المذكور أولَ الكتاب قال:

[٢٧١٥] ( … ) - (وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَمَّتِهِ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أم الْمُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ النَبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ يَوْمٍ، فَقَالَ: "هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ "، فَقُلْنَا: لَا، قَالَ: "فَإِنِّي إِذَنْ صَائِمٌ"، ثُمَّ أتانَا يَوْمًا آخَرَ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ، فَقَالَ: "أَرِينِيهِ، فَلَقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِمًا"، فَأَكَلَ).

رجال هذا الإسناد: خمسة:

١ - (أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ) تقدّم قبل باب.

٢ - (وَكِيعُ) بن الجرّاح، تقدّم قبل باب أيضًا.

والباقونه ذُكروا قبله.

وقوله: (فَإِنَي إِذَنْ صَائِمٌ) هذا ظاهر في كونه -صلى الله عليه وسلم- أنشأ الصوم في ذلك


(١) "المرعاة" ٧/ ١٠٧.