للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٣ - (ومنها): أن فيه دليلاً على فضل الصوم في شعبان.

٤ - (ومنها): بيان إكثاره - صلى الله عليه وسلم - من صوم شعبان.

[فإن قلت]: كيف تجمع بين إكثاره - صلى الله عليه وسلم - الصوم في شعبان مع قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرّم"؟، رواه مسلم.

[قلت]: أجاب النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ- عنه بأنه يَحْتَمِل أن يكون - صلى الله عليه وسلم - ما عَلِم ذلك إلا في آخر عمره، فلم يتمكن من كثرة الصوم في المحرم، أو اتَّفَق له فيه من الأعذار بالسفر، أو المرض مثلًا ما منعه من كثرة الصوم فيه (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكمة إكثار النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من صوم شعبان، وتخصيصه بذلك من بين سائر الشهور:

(اعلم): أنهم اختلفوا في ذلك على أقوال:

فقيل: سببه أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يشتغل عن صوم الثلاثة أيام من كل شهر لسفر، أو غيره، فتجتمع، فيقضيها في شعبان، أشار إلى ذلك ابن بطّال، وفيه حديث ضعيف، أخرجه الطبرانيّ في "الأوسط"، من طريق ابن أبي ليلى، عن أخيه عيسى، عن أبيه، عن عائشة - رضي الله عنها -: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، فربما أَخّر ذلك حتى يجتمع عليه صوم السنة، فيصوم شعبان. وابن أبي ليلى ضعيف، وحديث الباب دالّ على ضعف ما رواه.

وقيل: كان يصنع ذلك لتعظيم رمضان، وورد فيه حديث آخر، أخرجه الترمذيّ من طريق صدقة بن موسى، عن ثابت، عن أنس - رضي الله عنه -، قال: سئل النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ الصوم أفضل بعد رمضان؟ قال: "شعبان لتعظيم رمضان"، قال الترمذيّ: حديث غريبٌ، وصدقة عندهم ليس بذاك القوي.

قال الحافظ: ويعارضه ما رواه مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً: "أفضل الصوم بعد رمضان صوم المحرم".

وقيل: الحكمة في إكثاره - صلى الله عليه وسلم - من الصيام في شعبان دون غيره أن نساءه كُنّ يقضين ما عليهنّ من رمضان في شعبان، وهذا عكس ما تقدم في الحكمة


(١) راجع: "شرح النوويّ" ٨/ ٣٧.