في كونِهِنّ كُنّ يؤخرن قضاء رمضان إلى شعبان؛ لأنه ورد فيه أن ذلك لكونهنّ كُنّ يشتغلن معه - صلى الله عليه وسلم - عن الصوم.
وقيل: الحكمة في ذلك أنه يَعْقُبه رمضان وصومه مفترَضٌ وكان يكثر من الصوم في شعبان قدر ما يصوم في شهرين غيره؛ لما يفوته من التطوع بذلك في أيام رمضان.
قال الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ-: والأولى في ذلك ما جاء في حديث أصحّ مما مضى، أخرجه النسائيّ، وأبو داود، وصححه ابن خزيمة، عن أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - قال: قلت: يا رسول الله، لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان، قال:"ذلك شهر يَغْفُلُ الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرْفَع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يُرْفَع عملي، وأنا صائم".
ونحوه من حديث عائشة - رضي الله عنها - عند أبي يعلى، لكن قال فيه:"إن الله يكتب كل نفس ميتة تلك السنة، فأحب أن يأتيني أجلي وأنا صائم".
قال: ولا تعارض بين هذا وبين ما تقدم من الأحاديث في النهى عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين، وكذا ما جاء من النهي عن صوم نصف شعبان الثاني، فإن الجمع بينهما ظاهر بأن يُحْمَل النهي على من لم تَدخُل تلك الأيام في صيام اعتاده. انتهى كلام الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ-" (١)، وهو بحث نفيسٌ مفيد جدًّا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللهُ- المذكور أولَ الكتاب قال: