للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أصوم أسرُد، وأُصلي الليل، فإما أرسل إليّ، وإما لقيته، فقال: ألم أُخبَرْ أنك تصوم، ولا تفطر … ".

قال في "الفتح": ويُجْمَع بينهما بأن يكون عمرو توجه بابنه إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فكلّمه من غير أن يستوعب ما يريد من ذلك، ثم أتاه إلى بيته زيادة في التأكيد. انتهى (١).

(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "آنْتَ) بمدّ الهمزة، أصله أأنت بهمزتين، أولاهما للاستفهام (الَّذِي تَقُولُ ذَلِكَ؟ ") أي ما ذكر من قولك: لأقومنّ الليل، ولأصومنّ النهار ما عِشْتُ (فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ قُلْتُهُ يَا رَسُولَ اللهِ) زاد في الرواية التالية: "ولم أرد إلا الخير" (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "فَإِنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ) قال في "الفتح": يَحْتَمل أن يريد به الحالة الراهنة؛ لما عَلِمه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من أنه يتكلّف ذلك، ويُدخِل به على نفسه المشقّة، ويُفَوِّت به ما هو أهمّ من ذلك.

ويَحْتَمِل أن يريد به ما سيأتي بعدُ إذا كَبِر وعَجِزَ، كما اتَّفق له سواءً، وكَرِهَ أن يوظِّف على نفسه شيئاً من العبادة، ثم يعجز عنه، فيتركه؛ لما تقرَّر من ذمّ مَنْ فَعَلَ ذلك. انتهى (٢).

وفي الرواية الآتية: "فلا تفعل، فإن لعينك عليك حظًّا، ولنفسك حظًّا، ولأهلك حظًّا "، وفي رواية: "فإنك إذا فعلت ذلك هَجَمت له عيناك، ونَفِهت نفسك"، وزاد في رواية ابن خزيمة: "إن لكل عامل شِرَّة (٣) ولكل شِرّة فترةً، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك".

(فَصُمْ) أي في بعض الأيام، وقال القاري -رَحِمَهُ اللهُ-: "صُمْ " وقتَ النشاط، وهو لا يكون إلا في بعض الأيام، أو وقت طُغْيان النفس؛ لتنكسر سَوْرتها. انتهى (٤).

(وَأَفْطِرْ) بقطع الهمزة؛ أي في بعضها، وقال القاري -رَحِمَهُ اللهُ-: "وأَفْطِرْ" وقتَ


(١) "الفتح" ٥/ ٣٩٣ - ٣٩٤.
(٢) "الفتح" ٥/ ٣٩٧.
(٣) بكسر المعجمة، وتشديد الراء: النشاط.
(٤) "مرقاة المفاتيح" ٤/ ٤٨٤.