للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

السآمة والملالة، وخمود النفس، وكسر شهوتها، أو صُمْ أيام الفواضل؛ لإدراك الفضائل، وأفطر في غيرها؛ لتقوية البدن، وتحسين الأخلاق والشمائل. انتهى (١).

(وَنَمْ) بفتح النون (٢)، أمر من نام ينام، من باب خاف؛ أي نَمْ بعض الليل (وَقُمْ) أي: بعضه، والمعنى: اجمع بين القيام والنوم في الليل الواحد، وقوله: (وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلَاَثَةَ أَيَّامٍ) بعد قوله: "فصم، وأفطر" بيان لما أجمل من ذلك، وتقرير له على ظاهره؛ إذ الإطلاق يقتضي المساواة (٣).

(فَإنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا) إشارة إلى قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: ١٦٠] الآية (وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَام الدَّهْرِ") أي يكون ثوابه كثواب صيام الدهر، قال في "الفتح": هذا يقتضي أنَّ المثليّة لا تستلزم التساوي من كلّ جهة؛ لأن المراد به هنا أصل التضعيف دون التضعيف الحاصل من الفعل، ولكن يَصْدُقُ على فاعل ذلك أنه صام الدهر مجازاً. انتهى (٤).

(قَالَ) عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - (قُلْتُ: فَإِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ (٥)، وفي نسخة: أكثر من ذلك" (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("صُمْ يَوْماً، وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ"، قَالَ: قُلْتُ: فَإِنَّي أُطيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: "صُمْ يَوْماً، وَأَفْطِرْ يَوْماً) وفي رواية أبي عياض الآتية: "صم يوماً، ولك أجر ما بقي، قال: إني أطيق أكثر من ذلك، قال: صم يومين، ولك أجر ما بقي، قال: إني أطيق أكثر من ذلك، قال: صم ثلاثة أيام، ولك أجر ما بقي، قال: إني أطيق أكثر من ذلك، قال: صم أربعة أيام، ولك أجر ما بقي، قال: إني اطيق أكثر من ذلك، قال: صم أفضل الصيام صوم داود؟، كان يصوم يوماً، ويفطر يوماً".

وفي رواية أبي المليح عند البخاريّ: "يكفيك من كل شهر ثلاثة أيام،


(١) "مرقاة المفاتيح" ٤/ ٤٨٤.
(٢) [تنبيه]: ما اشتهر على الألسنة من ضم نون "نَم"، وكذا في الماضي "نُمتُ"، وفي المضارع "أنُوم" فمن الأغلاط الشائعة، فليُحذَر.
(٣) "الفتح" ٥/ ٣٩٧.
(٤) "الفتح" ٥/ ٣٩٧.
(٥) وفي نسخة: "أكثر من ذلك".