للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة الثالثة): في فوائد حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - هذا على اختلاف ألفاظه (١)، فقد قال القرطبي -رَحِمَهُ اللهُ -: حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - اشتَهَرَ، وكَثُر رواته، فكثر اختلافه حتى ظَنَّ من لا بصيرة عنده: أنه مضطرب، وليس كذلك؛ فإنه إذا تُتُبِّع اختلافه، وضم بعضه إلى بعض انتَظَمَت صورته، وتناسب مساقه؛ إذ ليس فيه اختلاف تناقض، ولا تهاتر، بل يرجع اختلافه إلى أَنْ ذَكَرَ بعضُهم ما سكت عنه غيره، وفَصَّل بعض ما أجمله غيره، وسنشير إلى بعضه - إن شاء الله تعالى. انتهى (٢).

١ - (منها): بيان أفضلية صوم يوم، وإفطار يوم.

٢ - (ومنها): تفقّد الإمام لأمور رعيته كلياتها، وجزئياتها، وتعليمهم ما يُصلحهم.

٣ - (ومنها): بيان رفق النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بأمته، وشفقته عليهم، وإرشاده إياهم إلى ما يُصلحهم، وحثّه لهم على ما يطيقون الدوام عليه، ونهيهم عن التعمّق والإكثار من العبادات التي يُخاف عليهم الملل بسببها، أو تركها، أو ترك بعضها، وقد بَيَّن - صلى الله عليه وسلم - ذلك في الحديث الماضي في الباب السابق بقوله: "عليكم من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لن يمل حتى تملوا"، وكان يقول: "أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه، وإن قلّ"، وبقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الآتي في الباب: "لا تكن مثل فلان، كان يقوم الليل فترك قيام الليل"، وقد ذم الله تعالى قوماً أكثروا العبادة، ثم فَرَّطوا فيها، فقال تعالى: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} [الحديد: ٢٧] الآية.

٤ - (ومنها): الندب إلى الدوام على ما وظّفه الإنسان على نفسه من العبادة.


(١) ليس المراد فوائد هذا المتن الذي شرحته الآن، بل فوائد الحديث بجميع طرقه المختلفة التي ذكرها المصنّف، أو زيدت في الشرح.
(٢) "المفهم" ٣/ ٢٢٤.