النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يصم، وإذا لم يصم شرعاً، لم يكتب له الثواب؛ لوجوب صدق قوله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه نفى عنه الصوم، وقد نفى عنه الفضل، كما تقدّم، فكيف يطلب الفضل فيما نفاه النبيّ - صلى الله عليه وسلم -؟. انتهى.
واستُدلّ للكراهة والمنع بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا صام من صام الأبد"، وسيأتي في الباب، واستدلّ أيضاً لذلك بقصّة عبد الله بن عمرو التي وردت في حديث الباب.
قال ابن التين: استُدلّ على كراهة صوم الدهر من هذه القصّة من أوجه: نهيُهُ - صلى الله عليه وسلم - عن الزيادة على صوم نصف الدهر، وأمره بأن يصوم ويفطر، وقوله:"لا أفضل من ذلك"، ودعاؤه على من صام الأبد. انتهى.
وبحديث أنس - رضي الله عنه - أنه - صلى الله عليه وسلم - قال للثلاثة الذين قال أحدهم: إنه يصوم، ولا يفطر، وقال الثاني: إنه يقوم الليل، ولا ينام، وقال الثالث: إنه لا يأتي النساء، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أمّا أنا فأصوم، وأفطر، وأقوم، وأنام، وآتي النساء، فمن رغب عن سنتي، فليس منّي"، متّفقٌ عليه.
فهذا الحديث الصحيح يدلّ على أن صيام الدهر من الرَّغْبَة عن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيستحقّ فاعله ما رتّبه عليه من الوعيد بقوله:"فمن رغب عن سنتي، فليس منّي".
وبحديث رجل من أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: قيل للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -: رجل يصوم الدهر؟ قال:"وددت أنه لم يطعم الدهر شيئاً … " الحديث. أخرجه النسائيّ (١).
قال السنديّ: أي وددت أنه ما أكل ليلاً، ولا نهاراً حتى مات جوعاً، والمقصود بيان كراهة عمله، وأنه مذموم العمل، حتى يتمنى له الموت بالجوع.
وبحديث أبي موسى الأشعريّ - رضي الله عنه -، رفعه:"من صام الدهر ضُيّقت عليه جهنم هكذا، وقبض كفّه"، حديث صحيح، أخرجه أحمد، والنسائيّ،